التمييز في لحظات الخطر: الرد الإيراني يكشف هشاشة الحماية المدنية للعرب والأجانب في إسرائيل

سلّط الرد الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل الضوء على واقع التمييز العنصري الممنهج في منظومة الحماية المدنية، إذ وثّقت تقارير وناشطون حالات منع مواطنين عرب وعمال أجانب من دخول الملاجئ خلال الهجمات، بينما فُتحت الأبواب للمواطنين اليهود فقط، في مشهد يعكس فجوة صارخة حتى في أوقات الطوارئ.
وبحسب تقرير لوكالة “الأناضول”، فإن هذا التمييز ليس جديدًا، بل يتفاقم في ظل غياب الملاجئ عن معظم المنازل العربية في إسرائيل، مما يزيد من تعرضهم للخطر أثناء الهجمات. وتُظهر التقارير المحلية أن البلدات العربية – التي يسكنها فلسطينيو الداخل – تعاني من نقص كبير في البنية التحتية المخصصة للحماية، في مقابل تغطية واسعة في المناطق اليهودية.
أكبر مواجهة مباشرة
جاء هذا التطور بعد أن شنت إسرائيل فجر 13 يونيو/حزيران الجاري، بدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجومًا واسعًا استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وعلماء وقادة عسكريين إيرانيين. وردّت طهران بإطلاق عشرات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة نحو العمق الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين حتى اليوم.
طرد من الملاجئ
في أعقاب هذه الهجمات، رُصدت حوادث طرد وتمييز علني، أبرزها ما رواه الصحفي العربي محمد مجادلة من القناة 12 الإسرائيلية، حيث أشار إلى أن “سكانًا يهودًا في منطقة الكريوت طردوا ممرضة عربية من ملجأ لمجرد كونها عربية”. وفي حادثة أخرى، تم طرد عائلة عربية في يافا بسبب ارتداء إحدى النساء للحجاب، وعلّق مجادلة قائلاً: “هذه هي إسرائيل في عام 2025”.
كما أفاد موقع “عرب 48” بأن عددا من المواطنين العرب مُنعوا من دخول ملاجئ تابعة لإحدى الكليات رغم التوجيهات الرسمية الصادرة بفتحها للجميع خلال الطوارئ.
وفي تسجيل مصوّر تم تداوله على منصات التواصل، يظهر شبان إسرائيليون يمنعون عمالاً تايلنديين من دخول ملجأ أثناء القصف، ويقول أحدهم صراحة: “هذا المكان لليهود فقط”، قبل أن يطلق شتائم عنصرية بحقهم.
غياب البنى التحتية في البلدات العربية
كشف تقرير نقلته صحيفة “غارديان” البريطانية عن هيئة الرقابة الإسرائيلية أن أقل من 15% من البلديات العربية، وعددها 71، تملك ملاجئ عامة، مقابل أكثر من ألف ملجأ في المناطق اليهودية. ويعد هذا مؤشراً على فشل الدولة في ضمان الحد الأدنى من الحماية لمواطنيها غير اليهود.
وقد أدى سقوط أحد الصواريخ الإيرانية في مدينة طمرة بمنطقة الجليل إلى مقتل امرأة وابنتيها وقريبتهن، في حين أُصيب آخرون بجروح، وهو ما أبرز بشكل مأساوي خطورة هذا الإهمال.
وتحدثت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن مواطن فلسطيني يُدعى حسين، قال إنه لا يجد ملجأ سوى درج منزله كلما انطلقت صفارات الإنذار، لأن المبنى لا يحتوي على غرف محصنة. وأكدت الصحيفة أن معظم أحياء القدس الشرقية العربية تفتقر إلى ملاجئ عامة أو غرف آمنة، بخلاف الأحياء اليهودية التي تتوفر فيها هذه المرافق بكثافة.
النقب.. مأساة البدو مستمرة
وفي جنوب البلاد، تبدو المعاناة أكثر حدة في صحراء النقب، حيث يعيش عشرات الآلاف من البدو العرب في قرى غير معترف بها رسميًا، تفتقر إلى الملاجئ والبنى التحتية الأساسية. وأطلقت منظمة “إسرائيل تتبرع” اليسارية حملة طوارئ لجمع التبرعات لشراء ملاجئ متنقلة وتوزيعها في تلك المناطق المهمشة، وسط غياب أي دعم حكومي.
وقد دفعت ظروف الإهمال مئات العائلات البدوية للمبيت تحت الجسور أو بالقرب من السكك الحديدية طلبًا للحماية، في مشهد يعكس عمق التمييز المؤسسي بحقهم.
قانون المواطنة.. تكريس للتمييز
وفي سياق موازٍ، صادق الكنيست الإسرائيلي في فبراير/شباط 2023 على تعديل قانون المواطنة، بما يتيح لوزير الداخلية سحب الجنسية من المواطنين العرب أو إلغاء إقامة الفلسطينيين في القدس الشرقية بحجة تلقي دعم مالي من السلطة الفلسطينية، مع إمكانية طردهم إلى الضفة الغربية أو غزة بعد انتهاء فترة سجنهم.
خلاصة المشهد
تؤكد هذه الوقائع – من طرد العرب من الملاجئ، إلى غياب البنية التحتية، مرورًا بالتمييز القانوني – أن التفرقة العنصرية في إسرائيل لا تقتصر على الحياة اليومية، بل تمتد لتشمل حتى لحظات الخطر، حين يصبح البقاء على قيد الحياة امتيازًا محصورًا بالهوية.