الصحة

الولايات المتحدة تبدأ خطوات تدريجية لسحب مكملات الفلورايد المخصصة للأطفال وسط جدل علمي وسياسي

أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، يوم الثلاثاء الماضي، عزمها البدء في عملية تدريجية لسحب مكملات الفلورايد المستخدمة لتقوية أسنان الأطفال، في خطوة أثارت تبايناً واسعاً في الأوساط الطبية والعلمية، بحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس”.

ويأتي هذا القرار في ظل استمرار الجدل حول سلامة الفلورايد، حيث يعارضه وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركي روبرت إف. كينيدي الابن، الذي وصفه مرارًا بأنه “نفايات صناعية” و”سمّ عصبي خطير”، في حين يشدد أطباء الأسنان على فوائده المؤكدة في الوقاية من تسوس الأسنان، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الفلورايد في مياه الشرب، وفقاً لتقرير نشرته مجلة “نيوزويك” الأميركية.

وأكدت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن الفلورايد يعزز من قوة مينا الأسنان ويقلل من التسوس، من خلال تعويض المعادن المفقودة من الأسنان أثناء تناول الطعام والشراب، مما يجعلها أكثر مقاومة للأحماض التي تفرزها بكتيريا البلاك والسكريات.

وكانت مدينة غراند رابيدز بولاية ميشيغان أول من أضاف الفلورايد إلى مياه الشرب في عام 1945، بعد أن أظهرت الدراسات أن المجتمعات التي تحتوي على نسب طبيعية من الفلورايد في المياه تسجل معدلات أقل بكثير من تسوس الأسنان. وأقرت الحكومة الفدرالية الأميركية رسميًا بإضافة الفلورايد إلى مياه الشرب عام 1950، ووضعت إرشادات كمية عام 1962.

مراجعة علمية وسحب طوعي

وأفادت “أسوشيتد برس” بأن إدارة الغذاء والدواء ستجري مراجعة علمية شاملة لمكملات الفلورايد المخصصة للأطفال بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تمهيدًا لسحبها من الأسواق. لكنها لن تلجأ إلى سحب رسمي لتلك المنتجات، إذ يُتوقع أن تستغرق هذه العملية سنوات. وبدلاً من ذلك، ستطلب الإدارة من الشركات المصنّعة سحب منتجاتها طواعية.

وجاء هذا الإعلان بعد تصريحات أدلى بها كينيدي الشهر الماضي، أكد فيها أنه سيطلب من مراكز السيطرة على الأمراض وقف التوصية بإضافة الفلورايد إلى مياه الشرب، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل “تقدمًا ملموسًا في استعادة صحة الأميركيين”، ومشيرًا إلى أن هذا القرار يتماشى مع وعود الرئيس السابق دونالد ترامب في هذا المجال.

موجة حظر وانتقادات علمية

وقد أشعلت تصريحات كينيدي جدلًا سياسيًا وعلميًا واسعًا، وأدت إلى تحرك عدد من الولايات باتجاه حظر الفلورايد، حيث أصبحت ولاية يوتا أول ولاية أميركية تحظر إضافته إلى مياه الشرب، فيما يعمل مشرعو ولاية فلوريدا على تشريعات مماثلة لتطبيق الحظر على مستوى الولاية بأكملها.

وعلى الجانب الآخر، انتقد عدد من العلماء والأطباء توجه كينيدي، مؤكدين أن مواقفه تفتقر إلى الأسس العلمية وتُهدد بإضعاف جهود الصحة العامة، خصوصًا في ما يتعلق بمكافحة تسوس الأسنان بين الأطفال. وأكدت منظمات صحية مرموقة، مثل منظمة الصحة العالمية وجمعية طب الأسنان الأميركية، أن إضافة الفلورايد إلى مياه الشرب إجراء آمن وفعال أثبت فعاليته لعقود.

ويخشى بعض المنتقدين أن يؤثر الفلورايد سلبًا على توازن ميكروبيوم الأمعاء، كما يحذر آخرون من أن الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى انخفاض في معدل الذكاء. لكن الجمعية الأميركية للسرطان أوضحت في وقت سابق أن المراجعات العلمية حتى الآن لم تجد “دليلاً قويًا يربط بين الفلورايد في مياه الشرب والإصابة بالسرطان”، مشيرة إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث.

زر الذهاب إلى الأعلى