مرضى السرطان في غزة.. بين نيران الحصار وانهيار النظام الصحي

داخل أروقة مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس جنوب قطاع غزة، يتنفس مرضى السرطان بصعوبة وسط أوضاع صحية مأساوية، حيث يعانون من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الحيوية، في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر ومنع المرضى من مغادرة القطاع لتلقي العلاج في الخارج، وذلك بالتزامن مع ما يوصف بجرائم إبادة وتطهير عرقي ترتكبها إسرائيل بدعم أميركي.
تجلس الفلسطينية “أم سامر” إلى جوار سرير طفلها سامر عصفور، المصاب بسرطان الدم، وقد أنهكه المرض وغياب العلاج، فيما تحاول جاهدة كبت دموعها. تقول بحزن لوكالة الأناضول: “طفلي في حالة صحية متدهورة، جهازه المناعي ضعيف للغاية، ولا يتوفر له أي علاج.. أناشد العالم ومنظمة الصحة العالمية لإنقاذه قبل فوات الأوان.”
وفي سرير مجاور، يرقد خالد صالح، أحد المرضى الذين توقفت رحلتهم العلاجية بعد تدمير المستشفى التركي الفلسطيني، الذي كان المركز الوحيد المختص بتقديم العلاج الكيميائي في القطاع. يقول خالد بصوت منهك: “كنا نتلقى علاجنا في المستشفى التركي، لكن بعد قصفه واعتقال الكوادر الطبية، لم يتبق لنا سوى مستشفى غزة الأوروبي، الذي يعاني أيضا من نقص حاد في الأدوية والأجهزة.”
وأكد الدكتور موسى الصباح، رئيس قسم الأورام في المستشفى، أن المنشأة تُعد حالياً الملاذ الطبي الأخير لمرضى السرطان في غزة، لكنها تعاني شحاً خطيراً في العلاجات الكيماوية، والأدوية التلطيفية، والأجهزة الحيوية. وأضاف: “إغلاق المعابر يمنع دخول الإمدادات الطبية وخروج المرضى، ما يفاقم الوضع الكارثي.”
وفي السياق ذاته، قالت وكالة “الأونروا” في منشور عبر منصة “إكس”، إن مخزون الإمدادات الإنسانية في غزة يوشك على النفاد، مشددة على ضرورة إنهاء الحصار وفتح المجال لإدخال المساعدات العاجلة.
من جانبه، حذر وكيل وزارة الصحة في غزة، الدكتور يوسف أبو الريش، من أن النظام الصحي في القطاع يواجه انهياراً تاماً، مشيراً إلى نفاد 59% من الأدوية الأساسية و37% من المستلزمات الطبية، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرض القطاع الصحي في غزة لضربات غير مسبوقة، حيث دُمر 34 مستشفى من أصل 38، وأُغلقت 80 منشأة صحية بالكامل، بينما تعمل 4 مستشفيات فقط بشكل محدود رغم تضررها. ووفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي، فإن العدوان الإسرائيلي المستمر خلف حتى الآن أكثر من 165 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.
وفي ظل هذه المأساة، لا تزال إسرائيل ترفض تنفيذ التزامات المرحلة الثانية من اتفاق تبادل الأسرى، وتصر على استمرار العمليات العسكرية، بينما يعاني السكان من ويلات الإبادة الجماعية وسط صمت دولي مقلق.