رسوم ترامب الجمركية تثير جدلاً واسعاً: نهاية العولمة أم بداية أزمة اقتصادية؟

تناولت صحيفتا وول ستريت جورنال ونيوزويك القرارات الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من زوايا مختلفة، معتبرتين أن هذه الإجراءات تمثل تحولاً جذرياً في السياسات التجارية للولايات المتحدة، وقد تؤدي إلى نتائج عكسية تهدد الاقتصادين المحلي والعالمي.
نهاية عصر العولمة؟
رأت وول ستريت جورنال، المعروفة بتوجهها المحافظ والداعم غالباً لترامب، أن قراراته الأخيرة تعكس رسالة واضحة: “عصر العولمة قد انتهى”. وأضافت أن الرئيس الأميركي يسعى إلى إعادة المصانع والوظائف إلى الداخل الأميركي، إلا أن هذا الهدف يواجه تحديات كبيرة تتعلق بتكاليف فك سلاسل التوريد العالمية وإعادة توطينها.
وفي خطاب ألقاه ترامب مؤخراً، أعلن أن “المصانع والوظائف ستعود بقوة إلى أميركا”، مهدداً الشركات والدول بأن التعريفة الجمركية الصفرية لن تكون ممكنة ما لم يتم تصنيع المنتجات داخل الولايات المتحدة.
محاولة لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي
وبالرغم من إعلان بعض الشركات عن نيتها توسيع عملياتها داخل البلاد، إلا أن محللين حذروا من أن فرض مزيد من الرسوم الجمركية قد يعمّق حالة عدم اليقين، ويؤدي إلى أزمة استثمارية تؤثر سلباً على النمو الاقتصادي.
ويأمل ترامب أن تؤدي هذه السياسات إلى نهضة صناعية داخلية، موجهاً انتقادات حادة للممارسات التجارية التي يتبعها خصومه التجاريون، لا سيما الصين والاتحاد الأوروبي، محملاً إياهم مسؤولية خسارة الوظائف الأميركية.
وقد جاءت الصين في مقدمة المستهدفين برسوم ترامب، بسبب ما وصفه بدورها في نقل الصناعات خارج أميركا واحتكارها لقطاع التصنيع. ولهذا، أعلن عن رفع الرسوم على السلع الصينية إلى 54%، على أن تصل إلى 79% في حال فرضت واشنطن رسوماً إضافية على واردات النفط الفنزويلي.
حمائية تجارية وانعكاسات مقلقة
وفي تقرير منفصل، وصفت وول ستريت جورنال الرسوم الجديدة بأنها “خطوة كبيرة نحو عهد جديد من الحمائية”، محذرة من تداعيات هذه السياسات على النظام التجاري العالمي، بما في ذلك احتمالية تباطؤ النمو العالمي، وركود اقتصادي، حال ردت الدول الأخرى بإجراءات انتقامية.
ورأت الصحيفة أن هذه الرسوم تقوض أهداف التجارة الأميركية طويلة الأمد، لا سيما في ما يتعلق بتوسيع أسواق التصدير. كما قد تؤدي إلى فقدان مكانة الولايات المتحدة القيادية في الاقتصاد العالمي، ما قد يمنح الصين فرصة لتعزيز نفوذها التجاري في آسيا وأوروبا.
مجلة نيوزويك: نتائج عكسية محتملة
من جانبها، حذرت نيوزويك من أن هذه السياسة التجارية قد تعود بنتائج عكسية على ترامب نفسه، معتبرة أن وعوده بتحقيق الانتعاش الاقتصادي وخفض الأسعار باتت مهددة، بعد مرور شهرين فقط من بدء ولايته الثانية.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الإجراءات أثارت مخاوف المستهلكين من ارتفاع الأسعار وتزايد التضخم، في وقت يحذّر فيه خبراء اقتصاديون من تصعيد محتمل للحروب التجارية، وانكماش قد يضر بثقة الأسواق والناخبين على حد سواء.
ووفقاً لمارك زاندي، كبير الاقتصاديين في موديز أناليتيكس، فإن المستهلك الأميركي سيتحمل العبء الأكبر من هذه الرسوم، وهو ما سيُترجم إلى مزيد من التكاليف في الأسواق.
ختاماً
على الرغم من تأكيد ترامب أن هذه الرسوم ستدر “تريليونات الدولارات” لصالح خفض الضرائب وسداد الدين الوطني، إلا أن مراقبين يشككون في فاعلية هذا الطرح، وسط مؤشرات متزايدة على أن السياسات الحمائية قد تقوض موقع الولايات المتحدة عالمياً، وتُلقي بظلالها الثقيلة على مستقبل الاقتصاد الأميركي.