دراسة جديدة تكشف السبب البيولوجي وراء ارتفاع معدلات الاكتئاب لدى المراهقات مقارنة بالفتيان

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من معهد الطب النفسي في “كينغز كوليدج لندن” عن آلية بيولوجية تُفسّر سبب تعرّض المراهقات لخطر أكبر للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالفتيان. وقد نُشرت نتائج الدراسة في 24 مارس/آذار الجاري بمجلة Biological Psychiatry، ونقلها موقع “يوريك أليرت”.
ويُعد الاكتئاب من أبرز الاضطرابات النفسية انتشارًا عالميًا، إذ يصيب نحو 280 مليون شخص، وتُظهر الإحصاءات أنه أكثر شيوعًا بين الإناث، وغالبًا ما يبدأ ظهوره خلال فترة المراهقة.
ركزت الدراسة على مسار بيولوجي يُعرف بـ”مسار الكينورينين” (Kynurenine Pathway)، والذي يتولى تحلل حمض التربتوفان (Tryptophan) – وهو حمض أميني يُستخدم في إنتاج السيروتونين، المادة الكيميائية التي تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم المزاج والنوم والشعور بالراحة.
التباين بين الفتيان والفتيات
أوضحت البروفيسورة فاليريا مونديلي، المتخصصة في علم المناعة العصبية النفسية، أن مرحلة المراهقة تشهد تحولات بيولوجية معقدة في الدماغ والجسم، مشيرة إلى وجود فجوات معرفية كبيرة بشأن أسباب الاكتئاب البيولوجية، لا سيما ما يتعلق بالفروق بين الجنسين في هذه المرحلة الحساسة.
حمضان… أحدهما يحمي الدماغ والآخر يضره
يتحوّل التربتوفان في الجسم إلى نواتج كيميائية عدة، من أبرزها حمض الكينورينيك (Kynurenic Acid) الذي يُعتبر واقيًا للخلايا العصبية، وحمض الكينولينيك (Quinolinic Acid) الذي يُعتقد أنه يسبب ضررًا لها. وترجّح الدراسة أن اختلال التوازن بين هذين الحمضين قد يكون مفتاحًا لفهم الفروق في الإصابة بالاكتئاب.
دراسة ميدانية على مراهقين برازيليين
أُجريت الدراسة على 150 مراهقًا برازيليًا تراوحت أعمارهم بين 14 و16 عامًا، جرى تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات: فئة منخفضة الخطورة، فئة مرتفعة الخطورة، وفئة تم تشخيصها فعليًا بالاكتئاب. تم تتبع المشاركين على مدى ثلاث سنوات، مع تحليل دوري لمستويات حمضي الكينورينيك والكينولينيك في الدم.
وأظهرت النتائج أن المراهقين الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، أو من تم تشخيصهم به، لديهم مستويات أقل من حمض الكينورينيك الواقي للأعصاب، مقارنةً بالمجموعة ذات الخطورة المنخفضة. وبرز هذا الاختلاف بوضوح أكبر لدى الفتيات.
نتائج وتوصيات
خلصت الدراسة إلى أن النساء والفتيات قد يكنّ أكثر تأثرًا سلبًا باختلال هذا المسار الكيميائي، مما يفسر جزئيًا ارتفاع معدلات الاكتئاب في أوساطهن.
وفي تعليقها على النتائج، قالت الدكتورة نغمه نيكهسلات، الباحثة في مركز كينغز للطب النفسي والسلوكي، إن هذه المعطيات قد تُسهم في تحديد الفئات الأكثر عرضة للاكتئاب المزمن، وخصوصًا من الفتيات، مما يسمح بتصميم تدخلات أكثر تخصيصًا، سواء عبر الأدوية أو من خلال تعديلات في نمط الحياة كالتغذية وممارسة الرياضة.