اقتصاد

الحرب التجارية تُبطئ حركة البضائع من الصين إلى الولايات المتحدة وسط تصاعد الرسوم الجمركية

شهدت حركة الشحن من الصين إلى الولايات المتحدة تراجعًا حادًا في الأسابيع الأخيرة، في مؤشر واضح على التأثير المتزايد للحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد بكين، وفقًا لما أوردته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، نقلًا عن مصادر في قطاعي الشحن البحري والجوي.

ووفقًا لشركات لوجستية ومشغلي موانئ، تراجعت حجوزات الحاويات المتجهة إلى الولايات المتحدة بشكل ملحوظ منذ إعلان واشنطن فرض رسوم جمركية بنسبة 145% على الواردات الصينية، ما أدى إلى توقف العديد من الشركات عن شحن البضائع ترقبًا لتوصل البلدين إلى اتفاق لتخفيف التصعيد.

انخفاض ملحوظ في الحركة بميناء لوس أنجلوس

أفاد ميناء لوس أنجلوس، الذي يُعد البوابة الرئيسية لواردات الصين إلى الولايات المتحدة، أن عدد السفن المتوقع وصولها في الأسبوع الذي يبدأ في 4 مايو/أيار، انخفض بمعدل الثلث مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. كما تراجعت حجوزات الحاويات القياسية بطول 20 قدمًا بنسبة 45% حتى منتصف أبريل/نيسان، بحسب بيانات خدمة “فيزيون” لتتبع الحاويات.

تأجيل وقلق من قرارات مرتقبة

وقال الأمين العام لغرفة التجارة الدولية، جون دينتون، إن التوترات الحالية دفعت المستوردين إلى تأجيل قراراتهم التجارية في انتظار نتائج المفاوضات. وأشار إلى أن تكلفة الوصول إلى السوق الأميركية قد ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، مع توقعات بأن تصل الرسوم الجمركية إلى 10% على الأقل كحد أدنى، حتى في ظل غياب الوضوح حول الاتفاقات المستقبلية.

شركات الشحن تواجه تحديات متزايدة

تحدث مسؤولون في شركات الخدمات اللوجستية عن تحولات كبيرة في سلاسل الإمداد، حيث أوقفت بعض الشركات شحن البضائع بالكامل، مفضلة الاعتماد مؤقتًا على المخزونات الموجودة أو توجيه البضائع إلى أسواق بديلة مثل كندا. وأفاد ناثان سترانغ، مدير الشحن البحري في شركة “فليكسبورت”، أن الشركات تتريث بانتظار انفراج في العلاقات التجارية بين البلدين.

كما أكدت شركة “هاباغ لويد” أن نحو 30% من حجوزاتها من الصين ألغيت، فيما أوقفت شركة “TS Lines” التايوانية خدماتها إلى الساحل الغربي الأميركي بسبب ضعف الطلب.

ارتفاع “الرحلات البحرية الفارغة”

بحسب شركة “Sea-Intelligence” لتحليل بيانات الشحن، فإن عمليات إنزال الحاويات في ميناء لوس أنجلوس سجلت انخفاضًا كبيرًا، يقابله ارتفاع في عدد الرحلات البحرية الفارغة – أي السفن التي أُلغيت رحلاتها لغياب البضائع. ومن المتوقع أن يشهد الميناء خلال شهر مايو 20 رحلة بحرية فارغة، بما يعادل أكثر من 250 ألف حاوية، مقارنة بست رحلات في أبريل فقط.

وفي المقابل، سجلت مسارات الشحن من جنوب شرق آسيا مثل فيتنام وكمبوديا ارتفاعًا في الطلب، مدعومة بإعفاء مؤقت من الرسوم الجمركية، ما ساهم في زيادة أسعار الشحن من فيتنام بنسبة 15%، في حين انخفضت من الصين بنسبة 27%، وفقًا لبيانات مركز “فريتوس” للخدمات اللوجستية.

الشحن الجوي يتلقى ضربة مضاعفة

لم يكن الشحن الجوي بمنأى عن التداعيات، إذ أكد اتحاد وكلاء الشحن الجوي الأميركي انخفاضًا بنسبة 30% في حجوزات الشحن من الصين. وأوضح المدير التنفيذي للاتحاد، براندون فريد، أن العديد من الشركات توقفت عن قبول الطلبات القادمة من الصين، وسط تقلبات حادة في الأسعار ومعدلات الحجز نتيجة التصريحات المتكررة من الإدارة الأميركية.

ويُنتظر أن يتلقى قطاع الشحن الجوي ضربة إضافية بعد إلغاء الولايات المتحدة لبرنامج “الحد الأدنى”، الذي كان يسمح باستيراد السلع التي تقل قيمتها عن 800 دولار دون رسوم جمركية، وهو ما يؤثر سلبًا على شركات التجارة الإلكترونية مثل “شين” و”تيمو”.

وقالت لافينيا لاو، الرئيسة التجارية لشركة “كاثي باسيفيك”، إن الشركة تتوقع تراجعًا في الطلب على الشحن الجوي بين الصين وأميركا، مؤكدة أن رسوم الاستيراد الجديدة وتعديل القوانين ستؤثر بشكل مباشر على الإيرادات.

أما شركة “إيزي واي إير فرايت” في هونغ كونغ، فأعلنت أن نشاطها مع السوق الأميركية انخفض بنسبة 50% عقب تطبيق الرسوم الأخيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى