تقنية

التغيرات المناخية في شمال أفريقيا: تحديات تونس وحلول الطاقة المتجددة

قد يُنظر إلى ظاهرة تغير المناخ كآلية طبيعية تهدف إلى الحفاظ على توازن حرارة كوكب الأرض وضمان استمرارية الحياة عليه. وإذا نظرنا إلى التاريخ، نجد أن العديد من الحضارات شهدت تغييرات مناخية وكوارث طبيعية، مثل الفيضانات وأزمات الجفاف.

لكن منذ انطلاق الثورة الصناعية في بريطانيا في ستينيات القرن الثامن عشر، تسارعت وتيرة التطور الصناعي، وزادت حاجة الأسواق العالمية إلى الآلات والمواد الأولية، وركزت في البداية على قطاعات الحديد والفحم والنسيج، قبل أن تنتقل إلى العديد من دول غرب أوروبا ثم الولايات المتحدة الأمريكية.

في تلك الحقبة، شهد العالم زيادة كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نتيجة اعتماد القوى الصناعية على الفحم كمصدر للطاقة، إضافة إلى اقتلاع الأشجار لأغراض متنوعة مثل صناعة الفحم الخشبي والبناء.

تداعيات خطيرة على شمال أفريقيا: تونس في الواجهة

رغم كونها من أقل الدول المساهمة في انبعاث الغازات الدفيئة، فإن دول شمال أفريقيا تعد من الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية. وتعتبر تونس من الدول الأكثر تعرضاً للتغيرات المناخية الحادة في المنطقة، وفقاً للمؤشر العالمي لمخاطر المناخ الصادر في 2020.

تونس تعاني من أزمة اقتصادية عميقة تفاقمت بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا وانتشار جائحة كورونا، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المحروقات وزيادة الضغط على الغاز الطبيعي. كما أن البلاد دخلت في أزمة جفاف منذ عام 2017، وهو ما أدى إلى دخول تونس عام 2023 في مرحلة حرجة في أزمة المياه.

وفي هذا السياق، فإن الفئات الفقيرة والمناطق المهمشة في تونس تتحمل العبء الأكبر من هذه الأزمة، حيث يعاني الفلاحون في هذه المناطق من انقطاع الكهرباء المستمر، وهو ما يعوقهم في تشغيل الآبار. هذا الوضع دفع تونس إلى البحث عن حلول باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، التي تزخر بها.

جسر الطاقة بين تونس وإيطاليا

جسر الطاقة بين تونس وإيطاليا يربط بين محطة “بارتانا” في جزيرة صقلية ومحطة “الملاعبي” في الوطن القبلي التونسي، وهو يمثل خطوة هامة نحو تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين. هذا المشروع، الذي يتميز بقدرة 600 ميغاوات، يسهم في تقليل اعتماد تونس على واردات الغاز الطبيعي المكلف.

جهود تونس في تعزيز الطاقة المتجددة

تسعى تونس لتعزيز قطاع الطاقة المتجددة من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية. ورغم التحديات، مثل البيروقراطية والعقبات القانونية، إلا أن هناك العديد من المبادرات التي تسعى لتطوير هذا القطاع، مثل مشروع “إلميد” للطاقة الشمسية، الذي سيربط بين تونس وإيطاليا لتعزيز استقرار الشبكة الكهربائية في المنطقة.

مشاريع الطاقة الشمسية

أطلقت تونس مشاريع للطاقة الشمسية في عدة ولايات، مثل قفصة وتطاوين، ضمن جهودها لزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء لديها إلى 35% بحلول عام 2030. كما أن مشاريع الطاقة الشمسية ستساعد في تلبية احتياجات السكان المحليين وتساهم في تقليل انبعاثات الكربون.

التحديات الاقتصادية والمستقبل في الطاقة المتجددة

رغم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها تونس، بما في ذلك أزمة الديون وارتفاع الواردات، فإنها تسعى إلى استخدام إمكانياتها في مجال الطاقة المتجددة للتخفيف من أعباء العجز الطاقي. ومن المتوقع أن يستمر الاستثمار الأجنبي في الطاقة المتجددة كحل أساسي لتلبية احتياجات الطاقة في المستقبل، خاصة مع الموقع الاستراتيجي لتونس الذي يتيح لها الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة.

زر الذهاب إلى الأعلى