الصحة

هل تساءلت يوماً: هل هناك أمراض أكثر شيوعاً بين الأثرياء؟ إليك الجواب

يُطلق على مجموعة من الأمراض المزمنة المرتبطة بأنماط الحياة في المجتمعات ذات الدخل المرتفع اسم “أمراض الرفاهية” أو ما يُعرف شعبياً بـ “أمراض الثراء”. وهي أمراض تنكسية مزمنة تزايدت نسب الإصابة بها في الدول الصناعية تزامناً مع تحسن مستويات الدخل والمعيشة، بل وحتى مع تحسن مؤشرات الصحة العامة.

ففي هذه المجتمعات، انخفضت معدلات وفيات الأطفال والشباب بشكل ملحوظ، وارتفع متوسط العمر المتوقع، حتى أصبحت الوفاة قبل سن الأربعين نادرة. لكن في المقابل، باتت أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، وغيرها من الأمراض المزمنة المرتبطة بنمط الحياة، من الأسباب الرئيسية للوفاة بعد هذا السن.

الثراء.. وجه آخر للمخاطر الصحية

مع ارتفاع مستويات المعيشة، ظهرت أنماط سلوكية جديدة رفعت من خطر الإصابة بتلك الأمراض، منها:

  • الإفراط في تناول الدهون المشبعة والسكريات والسعرات الحرارية.
  • انخفاض النشاط البدني.
  • ارتفاع معدلات التدخين.

وبينما تمر بعض الدول النامية حالياً بمرحلة نمو اقتصادي سريع، فإنها تدخل تدريجياً نفس المسار الذي سلكته الدول الغنية فيما يخص التحول في مسببات الأمراض.

أمراض الثراء.. ليست حكراً على الأثرياء

رغم تسميتها، إلا أن أمراض الثراء لا تقتصر على الأثرياء وحدهم. فارتفاع معدلات السمنة، والسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، باتت شائعة في أوساط الطبقات الفقيرة في كثير من المجتمعات، لا سيما في الدول الصناعية والنامية على حد سواء.

السبب؟ الغذاء المصنع منخفض التكلفة والعالي بالسعرات الحرارية، والذي يفتقر إلى القيم الغذائية الأساسية مثل الألياف، والفيتامينات، والبروتينات. وفي كثير من الأحيان، تكون الوجبات السريعة والمعلبة هي الخيار الغذائي الوحيد المتاح لسكان المناطق الفقيرة، التي تُعرف اصطلاحاً بـ”الصحارى الغذائية” بسبب ندرة الغذاء الصحي فيها.

ويُفاقم الوضع أن هذه الفئات ليست فقط أكثر عرضة للأمراض، بل أقل قدرة على تحمّل تكاليف العلاج، مثل تكلفة الأنسولين أو الرعاية بعد الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية.

ومن المفارقات الصحية أن نفس الفئات التي تعاني من الإفراط الغذائي، تعاني أيضاً من سوء التغذية التقليدي، مثل نقص الحديد والفيتامينات الأساسية، لا سيما بين النساء والأطفال.

هل يمكن محاربة أمراض الثراء؟

نعم. فقد تمكنت العديد من الدول المتقدمة من تقليص الوفيات الناتجة عن هذه الأمراض بشكل كبير بفضل:

  • خفض معدلات التدخين.
  • تشجيع الأنظمة الغذائية الصحية والمتوازنة.
  • تعزيز النشاط البدني.

في الولايات المتحدة، انخفضت الوفيات الناتجة عن أمراض القلب التاجية بنسبة 40% منذ عام 1975، كما تراجعت السكتات الدماغية بنسبة 55%. وشهدت دول مثل أستراليا وكندا نتائج مماثلة.

ومع تراجع التدخين في الدول الغنية، ترتفع معدلاته في الدول الفقيرة، ما ينذر بموجة جديدة من الأمراض في السنوات المقبلة. إذ تشير التقديرات إلى أن عدد الوفيات المرتبطة بالتبغ قد يصل إلى 7 ملايين سنوياً بحلول عام 2025.

المعرفة سلاح وقائي

الوعي الصحي هو الخط الدفاعي الأول. فمعرفتنا الحالية بأسباب ومخاطر أمراض الثراء تمثل أداة بالغة الأهمية في الوقاية منها، خاصة في المجتمعات التي لم تدخل بعد مرحلة الذروة في الإصابة بهذه الأمراض.

ويجدر بنا أن نختم بمثال تاريخي: داء النقرس، الذي كان يُعرف بـ”داء الملوك” نتيجة شيوعه بين الأغنياء الذين يكثرون من تناول اللحوم. اليوم، لم يعد النقرس مقتصراً على الملوك، بل بات يصيب مختلف الطبقات الاجتماعية.

زر الذهاب إلى الأعلى