من المسؤول عن سقوط الجهاز المناعي أمام الخلايا السرطانية الغازية؟
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة روتشستر الطبية في الولايات المتحدة عن اكتشاف جزيء أساسي قادر على إعادة برمجة الخلايا المناعية التي تُعنى بحماية الجسم من العدوى والسرطان، وتحويلها إلى خلايا ضارة تُعزز نمو الأورام السرطانية. هذا التحول يمنع الجهاز المناعي من أداء دوره في القضاء على الخلايا السرطانية الغازية.
وأفاد الدكتور مينسو كيم، المؤلف المشارك وقائد فريق الأبحاث في معهد ويلموث للسرطان، في تصريحات لموقع “يوريك أليرت”، بأن “فهم سلوك هذه الخلايا المناعية المؤيدة للورم يُعد أمرًا حاسمًا، حيث يمكن أن تصبح هذه الخلايا أهدافًا للعلاجات التي تسعى لمنع نشاطها الضار”. وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة “PNAS” في 23 أغسطس/آب الماضي.
ركز فريق كيم على دراسة التفاعلات المعقدة بين الخلايا في البيئة المحيطة بالورم، وكذلك العوامل التي تسبب تحول الخلايا المناعية من دورها الدفاعي إلى دور مضر.
العامل المنشط للصفائح الدموية
تم التعرف على “العامل المنشط للصفائح الدموية” (PAF) في البداية بقدرته على تحفيز تجمّع الصفائح الدموية وتوسيع الأوعية الدموية. وأصبح يُعرف الآن أيضًا كوسيط قوي للالتهاب والاستجابات التحسسية. يؤدي هذا العامل إلى التهاب شديد في المسالك الهوائية، ما يسبب أعراضًا شبيهة بالربو.
يُحفز إنتاج “العامل المنشط للصفائح الدموية” بواسطة السموم الناتجة عن البكتيريا الضارة، مما يسبب توسّع الأوعية وانخفاض ضغط الدم، وبالتالي ضعف ضخ القلب وحدوث صدمات. كما يرتبط هذا العامل بعدة حالات طبية مثل الربو، والسكتة الدماغية، واحتشاء عضلة القلب، وبعض أنواع الأورام السرطانية، إلى جانب حالات التهابية أخرى.
وقد أظهرت نتائج الدراسة أن هذا العامل هو الجزيء الرئيسي الذي يتحكم في مصير الخلايا المناعية.
من الحماية إلى الإضرار
لا يكتفي “العامل المنشط للصفائح الدموية” بتجنيد الخلايا المؤيدة للسرطان، بل يُثبط أيضًا قدرة الجهاز المناعي على مقاومة الأورام. كما تبيّن أن العديد من أنواع السرطان تعتمد على إشارات هذا العامل في استمرار نموها.
وفي هذا السياق، أكد كيم، الذي يشغل أيضًا منصب أستاذ علم الأحياء الدقيقة والمناعة في جامعة روتشستر الطبية، أن “الأهمية تكمن في إمكانية تطوير علاج يتدخل في عمل العامل المنشط للصفائح الدموية، مما يجعله قابلًا للتطبيق على العديد من أنواع السرطان”.
وقد ركزت الدراسة بشكل خاص على خلايا سرطان البنكرياس، الذي يُعتبر من أكثر أنواع السرطان فتكًا، حيث تصل نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات إلى حوالي 12%. ويصعب علاج هذا النوع بسبب إحاطة الأورام البنكرياسية بمزيج من البروتينات والأنسجة الأخرى التي تحميها من هجمات الجهاز المناعي.