اقتصاد

ما تعويم العملة الوطنية؟

ما تعويم العملة الوطنية؟

تعويم العملة يشير إلى سياسة تتضمن ترك قيمة العملة لتحديدها بواسطة قوى العرض والطلب، دون تدخل مباشر من قبل البنك المركزي في تحديد سعرها. ومع ذلك، في الواقع، يظل هذا المفهوم نظريًا بمعنى أن العملات التي تتمتع بسياسة تعويم قد تتأثر بتدخلات غير مباشرة من قبل الحكومات والبنوك المركزية لتحقيق أهدافها الاقتصادية، والتي قد تشمل تثبيت السعر بشكل غير مباشر من خلال سياسات نقدية متعددة الأوجه.

ما أنواع تعويم العملة؟

يوجد نوعان من سياسات تعويم العملة: الأول هو التعويم المطلق، الذي يتم فيه ترك قيمة العملة لتحديدها بواسطة قوى السوق بدون تدخل مباشر من البنك المركزي. أما النوع الثاني فهو التعويم المدار، الذي يتضمن تدخلًا من البنك المركزي لتوجيه سعر الصرف بناءً على تقديره لمصلحة الاقتصاد الوطني.

غالبًا ما تنتهج الدول ذات الاقتصادات القوية سياسة التعويم المدار، خاصة إذا كان لديها حجم كبير من التجارة الدولية، بهدف التأثير على حجم الواردات والصادرات السلعية.

تم استخدام التعويم المدار في حروب العملات التي نشبت بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008، حيث كان الهدف تعزيز الصادرات وتقليل الواردات. ولكن يجب أن نلاحظ أن هذه السياسة يمكن أن تكون مكلفة بالنسبة للدول ذات الاقتصادات الضعيفة، كما هو الحال في مصر، التي تعتمد على استقطاب الاستثمارات الأجنبية لتحقيق استقرار سعر صرف الجنيه.

عادةً ما تتبع الدول سياسة تعويم عملتها عندما تواجه أوضاعًا مالية واقتصادية غير مستقرة، مما يؤدي إلى زيادة التضخم وتدهور القوة الشرائية للعملة المحلية. ويكون لحيازة العملات الأجنبية دورًا هامًا في الاضطرابات السوقية، مما يجعل السعر يخرج عن السيطرة المركزية.

وبالتالي، تتحمل الدول تبعات اقتصادية ومالية كبيرة عندما يكون لديها تعويم عملتها، خاصةً إذا كانت التدخلات الخارجية مفروضة من قبل صندوق النقد الدولي، الذي يفرض عادةً إجراءات تقشفية مصاحبة لتعويم العملة، مثل زيادة سعر الفائدة وتقليص النفقات العامة والتحرير التجاري.

كيف يحدد سعر صرف العملة؟

منذ عام 1971، انتهج العالم سياسة تخلي عن قاعدة الذهب في تحديد سعر صرف العملات، وبدلاً من ذلك، تبنت سلة متعددة من المحددات لتحديد قيمة العملة. تتضمن هذه المحددات رصيد النقد الأجنبي ورصيد الذهب وأداء الناتج المحلي الإجمالي. وفي هذا السياق، تسعى الدول التي يكون لديها ناتج محلي يتمتع بقيمة مضافة عالية إلى زيادة قيمة عملتها، نتيجة للطلب الدولي على منتجاتها، مما يزيد من احتياطياتها من العملات الأجنبية.

تهدف البنوك المركزية إلى تكوين احتياطي من النقد الأجنبي والذهب، بهدف الحفاظ على سعر صرف متوازن يحقق مصالح البلاد الاقتصادية في العلاقات مع الخارج، ويعزز النشاط الاقتصادي المحلي، ويحمي ثروات المجتمع ومدخراته.

يوجد عدة أنواع لسعر الصرف، حيث يشمل الأول سعر الصرف الإداري الذي يتم تحديده من قبل السلطات النقدية بشكل مباشر دون الاعتماد على قوى العرض والطلب. أما النوع الثاني فهو سعر الصرف الحر، الذي يعتمد على قوى العرض والطلب دون تدخل من السلطة النقدية.

أما النوع الثالث، فهو سعر الصرف المدار، حيث تتدخل السلطة النقدية في تحديد سعر الصرف من خلال آلية السوق المفتوحة، حيث تتدخل بشراء وبيع العملة الوطنية لتوجيه السوق نحو التوازن المستهدف. وبمجرد رؤية السلطة النقدية لزيادة في سعر صرف العملة الأجنبية، تقوم بزيادة العرض من خلال زيادة العرض المتاح للعملة الوطنية، مما يؤدي إلى انخفاض السعر. وإذا رأت أن سعر صرف العملة الأجنبية ينخفض دون المستوى المستهدف، تتدخل بالشراء لتعزيز الطلب على العملة الوطنية وتحقيق التوازن في السوق.

ما إيجابيات التعويم؟

تعويم سعر العملة في الاقتصادات النامية يعتبر تحديًا معقدًا ومجازفة غير محسوبة العواقب، خاصةً في الدول ذات النظم السياسية الضعيفة التي تفتقر إلى الشفافية وتطبيق سيادة القانون.

ومع ذلك، من الناحية الاقتصادية، توجد مجموعة من الفوائد المحتملة لعملية تعويم العملة. أولها وأهمها هو القضاء على السوق السوداء، حيث يعمل تحديد سعر الصرف بشكل شفاف في البنوك والمصارف على إزالة التلاعب والتلاعب الذي يمارسه الأفراد في السوق السوداء.

والفائدة الثانية هي تقليل ظاهرة الدولارة، أي استخدام الدولار الأمريكي كوسيلة للتخزين أو للمضاربة، والتي قد تكون ناتجة عن عدم الاستقرار في قيمة العملة المحلية. باستقرار سعر الصرف وتحسين شفافيته، يمكن تقليل الاعتماد على الدولار وتعزيز استخدام العملة المحلية في الأعمال التجارية والمعاملات اليومية.

زر الذهاب إلى الأعلى