تقنية

كيف تطورت آليات تسعير تذاكر الطيران؟

في ثمانينيات القرن الماضي، كان السفر جواً يُعد من الرفاهيات المرتفعة التكلفة. وبما أن الطائرات آنذاك كانت أكبر حجماً وتتسع لعدد كبير من الركاب، واجهت شركات الطيران تحديات في جذب المسافرين وملء المقاعد الشاغرة. وللتغلب على هذه المشكلة، اعتمدت بعض الشركات استراتيجيات تسويقية مبتكرة، مثل تقديم خصومات للمسافرين الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و60 عامًا، شريطة أن تتضمن رحلتهم قضاء ليلة خلال عطلة نهاية الأسبوع أو البقاء لفترة محددة في وجهة السفر.

هدفت هذه الشروط إلى استبعاد رجال الأعمال من الاستفادة من التخفيضات، نظراً لأنهم غالباً ما يسافرون خلال أيام الأسبوع. ومع ذلك، لم تكن هذه الاستراتيجيات كافية لمعالجة مشكلة أسعار التذاكر المرتفعة، مما تسبب في انخفاض عدد الركاب وتكبد الشركات لخسائر مالية.

ولادة خوارزمية تسعير الطيران

في عام 1987، طوّر الباحث بيتر بيلوبابا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) خوارزمية متقدمة لتحديد أسعار تذاكر الطيران، والتي لا تزال تُستخدم حتى يومنا هذا. وكان أول تطبيق عملي لهذه الخوارزمية في نظام حجز إلكتروني تابع لشركة “ويسترن إيرلاينز”، حيث تم اعتماد مبدأ المقايضة وتحديد حدود الحجز للرحلات المقبلة باستخدام التحليلات التنبؤية والخوارزميات المعقدة.

كيف تُحدد أسعار التذاكر؟

قد يبدو لك أن أسعار تذاكر الطيران تتغير بشكل عشوائي، لكن في الواقع، يتم تحديدها بعناية فائقة وفقاً لخوارزمية “بيلوبابا”، والتي تهدف إلى تحقيق التوازن بين تسعير المقاعد المتوفرة وزيادة العائدات.

وتُستخدم في هذا السياق خوارزمية تُعرف باسم نموذج الإيرادات الهامشية المتوقعة للمقعد (EMSR)، وتعتمد على مبدأين رئيسيين:

  1. تقدير احتمالية حجز المقاعد: تُحسب احتمالية حجز كل فئة من المقاعد بناءً على توقعات الطلب. يُضرب هذا الاحتمال في متوسط الإيراد المتوقع لكل فئة. فعلى سبيل المثال، إذا كانت احتمالية حجز مقعد في درجة رجال الأعمال تبلغ 80% وكان متوسط الإيراد 2000 دولار، فإن العائد المتوقع هو 1600 دولار.
  2. حجز المقاعد تدريجياً: يبدأ النظام بحجز المقاعد للأشخاص المستعدين لدفع السعر الكامل، ثم يواصل تخصيص المقاعد تدريجياً مع انخفاض الإيرادات المتوقعة، حتى تصل إلى الحد الأدنى المقبول للشركة.

وقد أدى هذا النظام إلى زيادة إيرادات شركات الطيران بنحو 3% إلى 7% سنوياً، وحققت الصناعة أرباحًا ضخمة في السنوات الأولى لتطبيقه.

دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز أرباح شركات الطيران

في العصر الحديث، أصبحت شركات الطيران تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارتها للإيرادات من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي، بدءاً من أنماط الحجز وحتى أسعار المنافسين.

أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي:

  • توقع الطلب: يساعد الذكاء الاصطناعي الشركات على التنبؤ بارتفاع أو انخفاض الطلب على الرحلات، مما يتيح لها تعديل الأسعار بشكل ديناميكي لتحقيق أقصى قدر من الأرباح أو ملء المقاعد خلال الفترات الهادئة.
  • تسعير تنافسي: ترصد خوارزميات التعلم الآلي أسعار التذاكر لدى المنافسين باستمرار، وتضبط الأسعار وفقاً لذلك، مع تجنب تقديم عروض منخفضة بشكل مفرط.
  • تحليل سلوك العملاء: يمكن للأنظمة الذكية دراسة أنماط الحجز وتفضيلات السفر وأسعار التذاكر التي يقبل بها العملاء، مما يُسهم في تخصيص العروض وتقديم خدمات محسّنة لكل فئة من المسافرين.

متى يكون الوقت المثالي لحجز تذاكر الطيران؟

أفضل توقيت لحجز تذكرة طيران غالباً ما يكون في وقت متأخر من يوم الثلاثاء أو صباح الأربعاء، خاصةً إذا صادف يوم الاثنين عطلة رسمية. ويرجع ذلك إلى أن شركات الطيران عادة ما تطرح عروضها مساء الاثنين، وبسبب انخفاض الحجز في بداية الأسبوع، قد تنخفض الأسعار مجدداً خلال الـ24 ساعة التالية.

كما يُلاحظ ارتفاع أسعار التذاكر في النصف الأول من الشهر عند استلام الرواتب، بينما تنخفض الأسعار نسبياً في النصف الثاني. أيضاً، تميل الأسعار إلى الارتفاع تدريجياً قبل موعد الرحلة بـ 21 يوماً، ثم تشهد زيادات أخرى قبل 14 و7 أيام من تاريخ الإقلاع.

نصائح إضافية:

  • حاول الحجز قبل أكثر من 3 أسابيع لتجنب القفزات السعرية.
  • اتصل بشركة الطيران مباشرة بدلاً من الحجز عبر الموقع الإلكتروني، حيث يتمكن موظفو الخدمة من الوصول إلى عروض ومقاعد متعددة قد لا تكون متاحة على الإنترنت.
  • استخدم تطبيقات مثل “Hopper” أو “Google Flights” لمقارنة الأسعار خلال الشهر بأكمله واختيار أنسب موعد.
  • لا تنسَ تسجيل الوصول إلكترونياً قبل 24 ساعة من الرحلة للحصول على أفضل المقاعد المتاحة.
  • وأخيراً، إذا لاحظت أن درجة رجال الأعمال تحتوي على مقاعد فارغة، فلا تتردد في طلب ترقية مجانية بلُطف من طاقم الطائرة—فقد يحالفك الحظ!
زر الذهاب إلى الأعلى