كيف أعاد تيم كوك تشكيل آبل بعيدًا عن إرث ستيف جوبز؟

على مدار 14 عامًا، قاد ستيف جوبز شركة آبل، بعد أن أعاد إحياءها عام 1997، حتى رحيله في 2011. ورغم أن الشركات التقنية الكبرى غالبًا ما تُدار من قبل عدة شخصيات قيادية، إلا أن آبل كانت استثناءً، إذ أصبحت انعكاسًا لشخصية جوبز نفسه، بحيث بات من الصعب تصور الشركة من دونه.
عندما تنحى جوبز عن منصبه في 2011، تولى تيم كوك زمام القيادة، لكنه على غير المعتاد في عالم الإدارة، لم يُجرِ تغييرات جذرية على سياسات سلفه، بل ظل وفيًا لفلسفته حتى طرح آيفون 16، حيث بدأت ملامح تحول واضح في نهج الشركة.
التخلي عن معتقدات جوبز
في سبتمبر 2023، كشفت آبل عن الجيل الـ16 من آيفون، في مسرح ستيف جوبز بالمقر الرئيسي للشركة، وفي موعد مطابق لما حدده جوبز سابقًا، إلا أن الهاتف نفسه جاء بتغييرات تتناقض مع فلسفته.
الاختلاف الأبرز كان إضافة أزرار جديدة، مثل زر التحكم في الكاميرا وزر الأوامر، وهو ما يتناقض مع رؤية جوبز الذي كان يرفض فكرة تعدد الأزرار، إيمانًا بتصميم أكثر بساطة. هذا التوجه لم يكن مجرد تفصيل بسيط، بل عكس تحولًا تدريجيًا بعيدًا عن إرث جوبز، وهو ما يتجلى في قرارات أخرى تتعلق بنهج الشركة.
علاقة تتجاوز الإدارة
على عكس ما قد يبدو، لم يكن توجه كوك نحو الابتعاد عن نهج جوبز نابعًا من خلافات داخلية، بل جاء بعد علاقة طويلة جمعت بينهما. عندما انضم كوك إلى آبل عام 1998، تاركًا منصبه في شركة IBM بعد 13 عامًا، كانت آبل تمر بظروف صعبة، إلى درجة أن مايكل ديل، مؤسس شركة ديل، صرّح بأن آبل “يجب أن تغلق أبوابها وتعيد أموال المستثمرين”. لكن كوك، بعد لقاء واحد مع جوبز، أيقن أن آبل تملك مستقبلاً مختلفًا.
خلال سنوات عمله مع جوبز، لم يكن كوك مجرد مسؤول تنفيذي، بل كان ظله الوفي، حتى إنه رفض الانتقال إلى مكتب جوبز بعد رحيله، وحافظ عليه كما هو، بل نقل أثاثه عند انتقال الشركة إلى مقرها الجديد. كان كثيرًا ما يتساءل عند اتخاذ القرارات الكبرى: “ماذا كان سيفعل جوبز؟”.
الانحياز إلى المستخدمين بدلًا من إرث جوبز
رغم أن كوك كان مخلصًا لفكر جوبز، إلا أن بعض مبادئ الأخير لم تعد متوافقة مع تطورات العصر. على سبيل المثال، كان جوبز يكره الأزرار، لذا جاء آيفون X بدون زر البصمة، وكان يرفض فكرة المؤتمرات المتعددة، مكتفيًا بمؤتمر سنوي واحد، كما كان معارضًا لمتاجر التطبيقات الخارجية وسعى إلى إبقاء نظام آبل مغلقًا تمامًا.
لكن كوك، خلال 13 عامًا، غيّر كل هذه السياسات تدريجيًا. أضافت آبل زرًا منفصلًا للكاميرا، وفتحت نظامها تدريجيًا ليتوافق مع التطبيقات الخارجية، وأصبحت تعلن عن منتجاتها على مدار العام، بدلاً من مؤتمر واحد، كما بدأت في طرح ميزات قبل أن تكون مكتملة التطوير.
عندما سُئل كوك عن هذه التغييرات في مقابلة مع الصحفي ستيفن ليفي من موقع “وايرد”، أجاب بأنه لا يمكنه الجزم برأي جوبز في هذه التطورات، لكنه يرى أنها كانت ضرورية لتتماشى مع احتياجات المستخدمين، مؤكدًا أن هدف جوبز الأساسي لم يكن التمسك بالماضي، بل تسهيل حياة المستخدمين.
لكن يبقى السؤال: هل كان ستيف جوبز ليوافق على إضافة زر جديد في آيفون أو فتح متجر تطبيقات خارجي؟