الرياضة

رافينيا.. من أزقة البؤس إلى مجد الكامب نو

في عالم كرة القدم الحافل بالنجوم والأساطير، تظهر بين حين وآخر قصة تُلهم وتُدهش، قصة تتجاوز المألوف وتجمع بين الموهبة الفطرية، والتحديات القاسية، والإصرار على كسر المستحيل. إحدى أبرز هذه القصص هي قصة رافائيل دياز بيلولي، المعروف باسم “رافينيا”، النجم البرازيلي الذي بدأ رحلته من حي ريستينغا الفقير في مدينة بورتو أليغري، إلى القمة مع نادي برشلونة الإسباني.

بدايات متواضعة ونشأة صعبة

وُلد رافينيا في بيئة يغلب عليها الفقر والمخدرات، وعاش طفولة قاسية في شقة متواضعة، غالبًا ما كان يضطر فيها إلى الذهاب للتدريب أو المدرسة دون أن يمتلك أجرة الحافلة. كان فتى نحيف الجسد، لكنه عوّض ضعفه البدني بخفة الحركة وسرعة البديهة، فتعلم المراوغة ليس كمهارة فنية فقط، بل كوسيلة للبقاء في مباريات الحي.

أول صفعة ودرس في الصمود

في سن التاسعة، تعرض لأول انتكاسة حين رفضه نادي غريميو بسبب بنيته الضعيفة، غير أن والده مانينيو، الموسيقي وصاحب الروح القتالية، منحه دروسًا مبكرة في التحدي وعدم الاستسلام. تنقّل رافينيا بعدها بين أندية محلية صغيرة مثل سبورت سول وأكاديمية دو مورو، قبل أن ينضم لاحقًا إلى أوداكس ثم إمبيتوبا، وهناك بدأ يلفت الأنظار.

لقاء القدر مع ديكو والرفض الثاني

في عام 2016، جذب رافينيا اهتمام نجم برشلونة السابق ديكو، الذي حاول نقله إلى نادي بورتو، لكن النادي رفضه مجددًا بدعوى عدم جاهزيته بدنيًا للكرة الأوروبية. ومع ذلك، واصل طريقه وانضم إلى نادي فيتوريا دي غيماريش مقابل 600 ألف يورو فقط، وهناك بدأ اسمه يُعرف في البرتغال.

سجل 4 أهداف وصنع 7 في 40 مباراة، وهي أرقام لم تكن لافتة، لكنها أقنعته بالانتقال إلى سبورتنغ لشبونة مقابل 6.5 ملايين يورو، ثم إلى رين الفرنسي بـ21 مليونًا. كل انتقال كان خطوة جديدة في رحلة اختبار وصقل، لا عائقًا.

التألق في إنجلترا

عام 2020، حقق رافينيا قفزة نوعية عندما طلبه المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا للانضمام إلى ليدز يونايتد الإنجليزي مقابل 18.6 مليون يورو. لم يتردد، ووافق في غضون 30 دقيقة فقط، ليصبح أحد أبرز نجوم الفريق، ويحقق أرقامًا مميزة، منها كونه ثاني أكثر لاعب مساهمة في الأهداف بعد محمد صلاح في فترة من موسم 2021-2022.

العودة إلى الحلم.. برشلونة

منذ الصغر، كان رافينيا يحمل عشقًا خاصًا لنادي برشلونة، بفضل علاقته العائلية بالنجم رونالدينيو، صديق والده وزميله في فرقة “سامبا تري”. في 2022، تحقق الحلم بانتقاله إلى النادي الكتالوني مقابل 58 مليون يورو، بالإضافة إلى 9 ملايين كمكافآت.

رغم بدايته المتذبذبة تحت قيادة تشافي هيرنانديز، استطاع رافينيا إثبات نفسه بسرعة، وقدم أداءً مميزًا أسفر عن تسجيل 30 هدفًا وصناعة 25 في مختلف المسابقات، ليصبح أحد أبرز مرشحي الكرة الذهبية.

أكثر من مجرد لاعبرافينيا ليس مجرد جناح سريع أو هداف موهوب، بل هو قصة صمود مذهلة، مثال حي على أن الموهبة وحدها لا تكفي، وأن الإصرار والثقة بالنفس قادران على تحويل المستحيل إلى واقع. من الأحياء الرملية إلى ملاعب النخبة في أوروبا، رافينيا لا يزال يرى نفسه في بداية الطريق، وما زال الحلم مستمرًا.

زر الذهاب إلى الأعلى