دراسة تكشف عن العلاقة بين الشيخوخة المتسارعة وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون بين الشباب دون سن 50

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من كلية الطب في جامعة ميامي بالولايات المتحدة أن حالات سرطان القولون قد تشهد زيادة ملحوظة بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا، وذلك بسبب ارتفاع معدلات “الشيخوخة المتسارعة” أو التقدم في العمر البيولوجي. تم نشر نتائج هذه الدراسة في مجلة أبحاث السرطان بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
بخلاف العمر الزمني الذي يتم حسابه بناءً على عدد السنوات التي عاشها الشخص، يعتمد العمر البيولوجي على مؤشرات فسيولوجية تعكس تأثير العوامل الوراثية، اختيارات نمط الحياة، والعوامل البيئية. يمكن تحديد العمر البيولوجي من خلال تحليل معقد للحمض النووي. وتظهر الشيخوخة المتسارعة عندما يكون العمر البيولوجي للشخص أكبر من عمره الفعلي، نتيجة لعوامل مثل نمط الحياة غير الصحي، والتعرض للمواد الكيميائية في البيئة المحيطة.
يعد سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا عالميًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، حيث يمثل حوالي 10% من حالات السرطان ويُعد السبب الثاني للوفيات المرتبطة بالسرطان في العالم. وفي معظم الأحيان، لا تظهر أعراض هذا السرطان في مراحله المبكرة، مما يجعل الفحوصات الدورية أمرًا بالغ الأهمية للكشف المبكر عنه وبدء العلاج.
أجرى الباحثون دراسة على أشخاص دون سن الخمسين خضعوا لتنظير القولون، وتم حساب أعمارهم البيولوجية من خلال تحليل عينات الدم. كشفت الدراسة أن كل عام من الشيخوخة المتسارعة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالأورام الحميدة بنسبة 16%. هذه الأورام، التي تعد زوائد صغيرة في القولون، قد تتطور إلى سرطان القولون في وقت لاحق.
في مفاجأة غير متوقعة، تبين أن عوامل الخطر التقليدية مثل نسبة الدهون في الجسم ومعدل التدخين لم تكن مرتبطة بشكل كبير بالإصابة بسرطان القولون. وتشير مجموعة من الأبحاث إلى أن الشيخوخة المتسارعة أصبحت أكثر شيوعًا رغم زيادة متوسط العمر المتوقع.
وتوضح الدكتورة شريا كومار، أخصائية سرطان القولون والمستقيم والباحثة المشاركة في الدراسة، أن الشيخوخة هي عملية متعددة الأوجه وتستدعي دراسات أوسع لتحديد مدى توافق العمر البيولوجي مع العمر الفعلي للعديد من الأفراد. وأضافت أن العمر البيولوجي قد يوفر معلومات صحية قيمة يمكن أن تساهم في الوقاية من السرطان، خاصة في ظل الزيادة العالمية في حالات سرطان القولون بين الأشخاص الأصغر سنًا.
أشار الباحثون إلى وجود “أدلة قوية” على أن كل جيل وُلد بعد عام 1965 قد يكون أكثر عرضة للشيخوخة المتسارعة، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالسرطان. وهذا قد يعني أن الجيل زد (المولودين بين عامي 1997 و2012) قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض في وقت مبكر مقارنة بأجيال آبائهم وأجدادهم.
تشير الأبحاث أيضًا إلى أن سرطان القولون أصبح أكثر شيوعًا بين من هم دون سن الخمسين، حيث ارتفعت نسبة الإصابات بنسبة 50% بين الفئات العمرية الأصغر على مدى الثلاثة عقود الماضية. يوصي مسؤولو الصحة في الولايات المتحدة بإجراء فحص دوري لسرطان القولون والمستقيم بدءًا من سن 45 عامًا، بينما يوصي البعض بإجراء الفحص في سن أصغر، نظرًا لأن نصف حالات سرطان القولون المبكرة تحدث لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 45 عامًا.
يعد تنظير القولون أحد أبرز طرق الكشف المبكر عن السرطان، حيث يتم خلاله تحديد الأورام الحميدة وإزالتها قبل أن تتطور إلى سرطان. ويشدد الباحثون على أهمية تحديد الأشخاص الذين يعانون من الشيخوخة المتسارعة وإعطائهم الأولوية لإجراء الفحص.
تتراوح تكلفة اختبارات تحديد العمر البيولوجي بين 100 إلى 1000 دولار، وقد تكون نتائجها غير دقيقة. ومع ذلك، فإن بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون المبكر، مثل الأنظمة الغذائية السيئة، السمنة، والتدخين، تزيد أيضًا من العمر البيولوجي. إضافة إلى ذلك، يعد التلوث البيئي والتوتر من العوامل الرئيسية التي تساهم في الشيخوخة المتسارعة.