اضطراب بكتيريا الأمعاء يؤثر على سلوك أطفال التوحد عبر خلل في النواقل العصبية

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، ونُشرت في 14 أبريل على منصة Nature Communications، أن اضطراب توازن بكتيريا الأمعاء يمكن أن يؤدي إلى خلل في إنتاج النواقل العصبية، ما ينعكس بشكل مباشر على سلوك الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. وقد تناول موقع EurekAlert تفاصيل هذه الدراسة التي تمثل خطوة متقدمة في فهم العلاقة بين صحة الجهاز الهضمي والصحة العصبية والسلوكية.
خلل في بكتيريا الأمعاء يؤثر على الدماغ
أوضحت الدراسة أن اختلال توازن الميكروبيوم المعوي يؤدي إلى تغيّر في النواتج الأيضية داخل الجهاز الهضمي، مما يؤثر على إنتاج النواقل العصبية، لا سيما السيروتونين، وهو ناقل عصبي أساسي في تنظيم السلوك والتفاعل الاجتماعي. ويُعتقد أن هذا الخلل في السيروتونين يرتبط بأعراض التوحد، مثل السلوكيات التكرارية والصعوبات الاجتماعية.
ارتباط مشكلات الهضم بالتوحد
علّقت الدكتورة ليزا عزيز زاده، الباحثة المشاركة في الدراسة وأستاذة في معهد الدماغ والإبداع بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، قائلة:
“من المعروف أن الأطفال المصابين بالتوحد يُظهرون أنماطاً غير معتادة في نشاط الدماغ، إذ قد تكون بعض مناطقه أكثر أو أقل نشاطًا مقارنةً بالأطفال ذوي النمو النمطي. كما أنهم يعانون غالبًا من مشكلات في الجهاز الهضمي، مثل الإمساك والآلام المتكررة، وهي مؤشرات قد ترتبط بالتغيرات الميكروبية في الأمعاء.”
دراسة متكاملة للدماغ وسلوك الأمعاء
شملت الدراسة مقارنة بين 43 طفلًا مصابًا بالتوحد و41 طفلًا سليمًا، حيث جرى جمع بيانات سلوكية، وصور للدماغ، إلى جانب عينات براز لتحليل المستقلبات الناتجة عن بكتيريا الأمعاء. ووفقًا للدكتورة عزيز زاده، فإن الدراسات السابقة قد أشارت إلى وجود اختلافات في بنية الدماغ وكذلك في تركيبة بكتيريا الأمعاء لدى مرضى التوحد، لكن هذه الدراسة تُعد الأولى من نوعها التي تسعى لربط هذه العوامل ببعضها في سياق سلوكي وعصبي متكامل.
السيروتونين والتربتوفان.. الرابط بين الأمعاء والسلوك
ركز الباحثون على مسار تحلّل حمض التربتوفان، وهو حمض أميني موجود في العديد من الأطعمة، إلى عدد من المستقلبات، أبرزها السيروتونين. ويُعد السيروتونين من أهم النواقل العصبية المرتبطة بالتفاعل الاجتماعي، ومعالجة المشاعر، والتعلم. ونظرًا لأن الجهاز الهضمي يُنتج نسبة كبيرة من السيروتونين في الجسم، فإن أي اضطراب في صحة الأمعاء قد يُحدث تأثيرات عصبية وسلوكية واضحة.
أهمية الدراسة
تُسلّط نتائج هذه الدراسة الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه الأمعاء في الصحة العقلية والسلوكية للأطفال المصابين بالتوحد، وتفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية جديدة تركز على تعديل الميكروبيوم المعوي كوسيلة لدعم الأداء العصبي والسلوكي.