الأخبار الدولية

من الحسم إلى الطوفان هكذا قدمت غزة تجربتها في مقاومة الحصار

من الحسم إلى الطوفان هكذا قدمت غزة تجربتها في مقاومة الحصار

منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا سياسيًا واقتصاديًا على كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. وتركز هذا الحصار بشكل خاص على غزة بعد الانقسام الفلسطيني الداخلي وانتزاع حماس للسيطرة على القطاع وانسحابها من الحكم في الضفة المحتلة في عام 2007.

ويهدف الاحتلال من وراء هذا الحصار إلى معاقبة الفلسطينيين على اختيارهم لحركة تنادي بالمقاومة وتحريك وعيهم بشأن ذلك، بما يمنعهم من تكرار هذه الخطوة، بالإضافة إلى محاولة تغيير تفكير وإستراتيجية حماس لتقبل الانخراط في عملية التسوية السلمية والتخلي عن النشاط المقاوم.

وكانت قضية الحصار واضحة في دوافع عملية طوفان الأقصى التي جرت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي لا تزال محل تفاوض بخصوص شروط وقف القتال.

وفي ضوء أهمية موضوع الحصار سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، سنستكشف فيما يلي مفهوم الحصار وأهدافه والطرق التقليدية لمقاومته، بالإضافة إلى تجربة قطاع غزة في هذا الصدد.

تكتيك الحصار وأهدافه

تاريخيًا، كان الحصار يرتبط بشكل أساسي بحالات الحروب، حيث كان يعد استراتيجية لإجبار دولة أو مدينة على الاستسلام من خلال قطع المؤن والإمدادات العسكرية عنها لفترة طويلة.

من بين أقدم التجارب في هذا السياق كان حصار الإسبارطة للأثينيين في القرن الخامس قبل الميلاد. وكان الحصار، حتى في حالات السلم، وتنظيم العقوبات الاقتصادية، حاضرين أيضًا في الثقافة اليونانية القديمة.

وقد تناول الفيلسوف الصيني الشهير صن تزو في كتابه “فن الحرب” استراتيجية الحصار، محذرًا من مخاطره على المهاجمين في معظم الأحيان.

واستمر الحصار كتكتيك مركزي منذ العصور الوسطى وحتى الوقت الحالي، مع تطور أشكاله ودعمه بغطاء سياسي دولي من خلال منظمة الأمم المتحدة، كما حدث في حصار العراق وليبيا والسودان.

حصار العراق

تاريخيًا، ارتبط الحصار بشكل أساسي بحالات الحروب، حيث كان يستخدم كتكتيك لإجبار دولة أو مدينة على الاستسلام من خلال قطع المؤن والإمدادات العسكرية عنها لفترة طويلة. يُعَد حصار العراق من الأمثلة البارزة على استخدام الحصار في فترة السلم لتحقيق أهداف سياسية.

في أغسطس/آب 1990، فرض القرار الأممي رقم 661 عقوبات اقتصادية خانقة على العراق، بهدف تحريكه للانسحاب الفوري من الكويت، ولكن هذه العقوبات استمرت لفترة تزيد عن 13 عامًا، مما أدى إلى تدمير مقومات الدولة المدنية والعسكرية على حد سواء.

دينيس هاليداي، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق، استقال عام 1998 بعد رؤيته للوضع في العراق، حيث وصف العقوبات بأنها “شاملة وذات نهايات مفتوحة”، مما يعني أنها تتطلب قرارًا من مجلس الأمن لإنهائها.

في حرب الخليج، قامت الولايات المتحدة بدعم من بريطانيا وبعض الدول الأخرى بقصف العراق واستهداف البنية التحتية المدنية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية للغذاء والبنية التحتية الزراعية وكل الضروريات الحياتية الأساسية.

تحليل الباحثين العراقي طارق يوسف إسماعيل والأمريكي وليام حداد في كتابهم “العراق.. الضريبة البشرية للتاريخ” أظهر أن الحصار كان مخالفًا للقانون الدولي، وأن الدوافع الحقيقية لواشنطن ولندن كانت هي الهيمنة على الشرق الأوسط، والتي تحتوي على أكبر موارد النفط وأغناها، والسعي لتحييد نفوذ العراق.

بالنظر إلى هذا السلوك من الولايات المتحدة وبريطانيا والصمت الدولي تجاهه، يمكن فهم تجرؤ دولة الاحتلال على فرض الحصار على الفلسطينيين لأسباب سياسية، مما أدى إلى تشديدها للحصار على قطاع غزة وقطع الماء والكهرباء والوقود عقب فوز حماس في الانتخابات وسيطرتها على القطاع.

زر الذهاب إلى الأعلى