مايكروسوفت تدخل سباق الحوسبة الكمومية برقاقة “ماجورانا 1”.. والعالِم تشيتان ناياك في قلب الإنجاز

شهدت السنوات الأخيرة تسارعًا ملحوظًا في تطورات الحوسبة الكمومية، مع انخراط عدد متزايد من الشركات الكبرى في هذا السباق التكنولوجي الطموح، بحثًا عن إنتاج أول حاسوب كمومي قابل للاستخدام التجاري الواسع. وفي هذا المشهد التنافسي، تبرز شركة “مايكروسوفت” بموقع فريد، مستفيدة من خبرتها الممتدة واستثماراتها المستمرة في هذا المجال منذ نحو عقدين.
ورغم دخول العديد من المنافسين الحلبة، فإن مايكروسوفت تميزت بمقاربتها الخاصة لبناء رقائق الحوسبة الكمومية، وهو ما تجلّى في إعلانها مؤخرًا عن تطوير أولى شرائحها الكمومية تحت اسم “ماجورانا 1”، والتي تمثل باكورة مسارها نحو تصنيع مليون رقاقة كمومية.
تشيتان ناياك.. العالِم خلف الرقاقة
يقف خلف هذا الإنجاز الدكتور تشيتان ناياك، الذي انضم إلى مايكروسوفت عام 2005، ويشغل حاليًا منصب مدير الأبحاث في وحدة “Station Q” المسؤولة عن تطوير التقنيات الكمومية بالشركة. وُلد ناياك في نيويورك عام 1971، وبدأ شغفه بالفيزياء الكمومية في سن مبكرة بعد قراءته لمحاضرات الفيزيائي الشهير ريتشارد فاينمان. تخرج في جامعة هارفارد عام 1992، ونال درجة الدكتوراه من برنستون عام 1996، قبل أن يتنقل بين عدد من الجامعات المرموقة باحثًا وأستاذًا، بالتوازي مع مسيرته البحثية في مايكروسوفت.
ناياك متخصص في دراسة المواد الطوبولوجية وحالات التوصيل الفائق، وقد قاد فريقًا من مئات الباحثين والمهندسين على مدى أكثر من 20 عامًا لتطوير شرائح كمومية قابلة للاستقرار والتوسع.
استثمار طويل الأمد رغم الشكوك
استثمرت مايكروسوفت في قسم Station Q لأكثر من عقدين، حيث أنفقت ما يناهز 300 مليون دولار سنويًا على أبحاث الحوسبة الكمومية، بإجمالي يفوق 6 مليارات دولار حتى الآن. ورغم أن المدير التنفيذي للشركة ساتيا ناديلا كان قاب قوسين أو أدنى من إغلاق القسم قبل سبع سنوات بسبب غياب العوائد التجارية، إلا أن التطورات الأخيرة أعادت الثقة في مستقبل هذه الأبحاث.
وعلّق ناديلا على هذا النجاح قائلًا عبر منصة “إكس” إن اكتشاف حالة جديدة للمادة يُعد خطوة كبيرة نحو تحقيق حاسوب كمومي فعّال. ويصف ناياك العمل في Station Q بأنه سلسلة من الاكتشافات الصغيرة المتراكمة التي تقود إلى لحظات كشف علمي حاسمة.
جدل علمي وردّ حازم
أثار إعلان مايكروسوفت جدلًا في الأوساط الأكاديمية بعد نشر بحثها العلمي في مجلة Nature. فقد وصف البروفيسور سيرجي فرولوف من جامعة بيتسبرغ المشروع بأنه “احتيالي”، مشيرًا إلى تناقضات قد تؤثر على نتائج البحث.
غير أن مايكروسوفت أكدت التزامها بالمعايير العلمية الصارمة، وأعلنت أنها ستنشر دراستين إضافيتين لمراجعة النتائج وتأكيد صحتها، في إشارة إلى ثقتها بمخرجات فريق ناياك. يُذكر أن الشركة موّلت سابقًا دراسات مماثلة في 2021 حول جزيئات “ماجورانا”، لكنها سُحبت لاحقًا بسبب تساؤلات حول دقتها، رغم أنها لم تُجرَ داخل مختبرات مايكروسوفت مباشرة.
التحديات القادمة
رغم أن “ماجورانا 1” لن تُحدث تحولًا تجاريًا فوريًا، فإنها تشكل خطوة أولى واعدة نحو بناء حاسوب كمومي مستقر وقابل للتوسع. وتتمثل المهمة المقبلة للفريق في تعزيز استقرار الشرائح وزيادة سعة تخزين “الكيوبتات” لجعلها أكثر ملاءمة للتطبيقات التجارية.
في هذا السياق، صرّح ناياك أنه لا ينوي مواصلة العمل حتى بلوغه سن السبعين، لكنه ملتزم في الوقت الحالي بإكمال مشروعه، ويبقى السؤال الأبرز: هل سيتمكن من تحقيق حلمه بإطلاق أول حاسوب كمومي تجاري قبل تقاعده؟