كيف وجهت النيجر ضربة أفريقية جديدة لأميركا والغرب؟
تشير دوائر صنع القرار الأميركية إلى استمرار التحديات في النيجر على الرغم من إجراء ثلاث انتخابات ديمقراطية منذ عام 2011، حيث تشمل هذه التحديات سوء الحكم وتهديدات من جماعات إرهابية متطرفة. استغلت السلطات العسكرية الانتقالية هذه القضايا لتبرير سيطرتها بعد الانقلاب الذي وقع في يوليو/تموز الماضي.
ومنذ إعلان المجلس العسكري في النيجر قطع التعاون مع القوات الأميركية في البلاد، تسعى الولايات المتحدة إلى فهم أفضل للتحديات التي تواجه التعامل الأميركي في غرب أفريقيا.
تم إصدار بيان من حكومة النيجر بعد زيارة لوفد أميركي، يضم قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، الجنرال مايكل لانغلي، ومولي في، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، ينتقد تصرفات المجلس العسكري وافتقاره للشفافية في تشكيل الحكومة.
على الرغم من عدم تصنيف الانقلاب في يوليو/تموز الماضي كانقلاب رسمي، حثت الولايات المتحدة المجلس العسكري على العودة سريعًا إلى النظام الديمقراطي، ولم تقم بوساطة بين الرئيس المحتجز والسلطة الجديدة. وفي المقابل، لم يطلب الانقلابيون من الولايات المتحدة إخلاء قاعدتها كما فعلوا مع فرنسا.
بعد الانقلاب في النيجر والمطالبة بخروج القوات الفرنسية، استمرت القوات الأميركية في البلاد. وتسعى واشنطن إلى التعاون مع الحكومات العسكرية في النيجر وبوركينا فاسو ومالي لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة.
في الوقت نفسه، تشدد إدارة جو بايدن على ضرورة استعادة النظام الديمقراطي في النيجر، وتعبر عن قلقها من تداعيات محتملة لصفقات اليورانيوم مع إيران ومن تطور العلاقات العسكرية بين روسيا والنيجر، مما يؤدي إلى موقف صارم من المجلس العسكري الحاكم في النيجر.
إرث ثقيل
بينما تتجه الأوضاع في النيجر نحو التحسن مع قرار مجموعة الدول الاقتصادية لغرب أفريقيا “إيكواس” برفع العقوبات المفروضة عليها، وإنهاء قرارات المقاطعة التي اتخذتها نيجيريا، التي ترتبط بالنيجر اقتصاديًا بشكل أكبر من غيرها من الدول في المنظومة، أعلنت الولايات المتحدة قبل عدة أشهر عن استعدادها لإعادة الانخراط مع النيجر لتيسير عودتها إلى المسار الديمقراطي.
وفي ظل التخوفات الأمريكية من التقارب بين النيجر وروسيا، قررت الولايات المتحدة إرسال وفد كبير يترأسه مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في.
وأكد بيان وزارة الخارجية الأمريكية أن الوفد ضم إلى جانب مساعدة الوزيرة في الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا، وسيليست والاندر، كبيرة المسؤولين في وزارة الدفاع، وتركزت أجندة الوفد على “عودة النيجر إلى المسار الديمقراطي وتطوير الشراكة الأمنية والتنموية”.
وبمجرد مغادرة الوفد الأمريكي أرض مطار نيامي، خرج الجنرال عبر القنوات الرسمية ليعلن إنهاء التعاون العسكري بين النيجر والولايات المتحدة، مما فاجأ المراقبين.
يرى جوناثان وينر، نائب مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون إنفاذ القانون الدولي، لشبكة الجزيرة، أن “النفوذ الفرنسي في غرب أفريقيا يواجه انهيارًا مع ارتفاع حالات الانقلابات العسكرية وتصاعد الدكتاتوريات ونمو نفوذ روسيا المزعوم، مما فتح الباب أمام تعزيز النظم الحاكمة العسكرية الاستبدادية والمعادية للديمقراطية في منطقة غرب ووسط أفريقيا”.
وقال دبلوماسي أفريقي مجهول الاسم للجزيرة، إن ما يحدث في النيجر وبوركينا فاسو ومالي هو رفض أفريقي للنفوذ الأمريكي والفرنسي، وليس فقط للنفوذ الغربي بشكل عام.
وأضاف الدبلوماسي الأفريقي في حديثه للجزيرة أن “النيجر تعتبر الولايات المتحدة وريثًا للنفوذ الفرنسي، وترى أن التعامل مع واشنطن قد يوفر لها الدعم والإمكانيات لتحقيق التنمية الاقتصادية دون التدخل في الشؤون السياسية الداخلية”.
وأشار الدبلوماسي الأفريقي إلى أن “الولايات المتحدة كانت تركز فقط على مكافحة ما تعتبره الإرهاب الإسلامي في النيجر وبقية دول الساحل، ومن هنا جاء انسحاب النيجر وكذلك مالي وبوركينا فاسو من “إيكواس” التي اعتبرتها أداة في يد الغرب للتحكم في دول الأعضاء”.