ثقافة

رحلة التضامن: ترانيم الحروف من المغرب الأقصى إلى المسجد الأقصى

رحلة التضامن: ترانيم الحروف من المغرب الأقصى إلى المسجد الأقصى

شيخ الخطاطين المغاربة، أحمد نوالي بن دحمان، لم تعيقه المسافة عن السفر من مدينة وجدة شرق المملكة المغربية إلى العاصمة الرباط للمشاركة في افتتاح معرض “ترانيم الحروف من الأقصى إلى الأقصى”، المُنظَّم بمقر وكالة بيت مال القدس الشريف. وخلال هذا الحدث الفني، الذي شهد مشاركة عدد من الخطاطين والزخرفيين المغاربة، قدَّم بن دحمان لوحته التي تضمَّنت آية من سورة يوسف بعنوان “فرج الله قريب”، باستخدام الخط المغربي المجوهر الدقيق، الذي يتميز بصغر حروفه وتشابهها وترتيبها الدقيق، مما يجعلها تشبه عقد الجوهر.

وشمل المعرض مشاركة 20 خطاطا وزخرفيا من مختلف الأجيال والمناطق المغربية، حيث قدَّموا لوحاتهم التي تعكس فن الخط المغربي والحروفية والزخرفة المغربية، مع التركيز على موضوع القدس الشريف. وتضمَّنت هذه الأعمال الفنية رسائل تعبيرية عن التضامن والمحبة مع الشعب الفلسطيني، وأظهرت التمسك القوي للمغاربة بالقدس والمسجد الأقصى.

يعد هذا المعرض الفني الأول من نوعه الذي يجمع عددًا كبيرًا من الخطاطين والزخرفيين المتميزين، الذين تم تكريمهم في السنوات السابقة، بمبادرة من ملتقى الرباط لإحياء الموروث الثقافي والفني. ويُعَدُّ هذا المعرض فرصة لعرض اللوحات الفنية والأدوات الفنية المستخدمة في عملية الخط والزخرفة، ويفتح أبوابه لاستقبال الجمهور العام وأطفال المدارس.

وفي ختام المعرض، سيتم بيع اللوحات المشاركة في مزاد علني، حيث ستُخصَّص عائداته لتمويل الأنشطة الثقافية التي تقوم بها وكالة بيت مال القدس الشريف في القدس. وتشير إدارة الوكالة إلى أن مثل هذه المبادرات تعكس التزام النخبة الفنية المغربية بدعم القضية الفلسطينية، وتمثل جهوداً فعلية في دعم المشاريع الثقافية والفنية، وليس مجرد إعلانات.

ويشير محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، إلى أهمية هذا المعرض في تعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني، ويشدد على أن هذه الجهود تمثل جزءًا من النشاطات المستمرة التي تقوم بها الوكالة في القدس، والتي تسعى إلى تعزيز الوعي والتضامن بين الفئات المختلفة من المجتمع المغربي.

بالنسبة لإدريس دريسي، رئيس ملتقى الرباط لإحياء الموروث الثقافي والفني، يعد هذا الحدث الفني استمرارًا لتقليد بدأ مع “الربعة المغربية”، وهي نسخة من القرآن الكريم التي كتبها السلطان علي أبو الحسن المريني بيده وهداها للمسجد الأقصى في عام 745 هجرية، وتظل حتى الآن محفوظة في المتحف الإسلامي بالمسجد.

أكد دريسي للجزيرة نت أن فنون الخط المغربي والحروفية والزخرفة تعتبر جزءًا أساسيًا من التراث المغربي الأصيل، وقد شهدت هذه الفنون انتشارًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، جزئيًا بفضل إطلاق جوائز وطنية وتكريمات ملكية للمبدعين في هذه المجالات، مما دفع الشباب للاهتمام والتعلم والتدريب فيها.

وقد أُنشئت جوائز مثل جائزة محمد السادس لفن الخط المغربي في عام 2007 من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لتكريم الخطاطين المتميزين وتشجيعهم على الاستمرار في تطوير هذا الفن العريق. وكذلك تم إنشاء جوائز أخرى في مجالات الزخرفة المغربية والحروفية بهدف تشجيع المبدعين والباحثين والنقاد.

يتميز فن الحروفية بأنه يمزج بين أشكال الخط العربي والفنون التشكيلية، بينما يعتمد فن الزخرفة المغربية على استخدام عناصر نباتية وخطية وهندسية، مما يخلق تناغمًا جماليًا فريدًا.

بالنسبة لقضية فلسطين، فإنها تحمل أهمية خاصة بالنسبة للفنانين والمبدعين المغاربة، وهذا المعرض يمثل فرصة لإظهار التضامن والارتباط العميق للمغاربة بالقدس والمسجد الأقصى. وقد تبرع المشاركون في المعرض بلوحاتهم للمشاركة في المزاد العلني، وعائداته ستُخصَّص لدعم القدس، مما يعد بمثابة تعبير معنوي عن دعمهم للقضية الفلسطينية.

زر الذهاب إلى الأعلى