الولايات المتحدة تفرض رسومًا جمركية جديدة على السفن المرتبطة بالصين في إطار سعيها لإحياء صناعة بناء السفن المحلية

في خطوة تهدف إلى تعزيز صناعة بناء السفن المحلية وتقليص النفوذ الصيني في هذا القطاع الحيوي، أعلنت الولايات المتحدة عبر مكتب الممثل التجاري الأميركي عن فرض رسوم جمركية جديدة على السفن المرتبطة بالصين، سواء من حيث الملكية أو الإدارة أو التصنيع. ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ خلال 180 يومًا، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
تفاصيل الرسوم وهيكلها الزمني
ووفقًا للمصادر، فإن الرسوم الجديدة ستُفرض مرة واحدة فقط لكل رحلة تقوم بها السفن المتأثرة إلى الموانئ الأميركية، على ألا تتجاوز عدد مرات فرض الرسوم على السفينة الواحدة خمس مرات سنويًا. وتشمل هذه الإجراءات ما يلي:
- 50 دولارًا لكل طن صافٍ من البضائع على السفن المرتبطة بالصين، مع زيادة سنوية قدرها 30 دولارًا خلال السنوات الثلاث القادمة.
- 18 دولارًا لكل طن صافٍ أو 120 دولارًا لكل حاوية قياسية على السفن المصنّعة في الصين، مع زيادات سنوية مشابهة.
- 150 دولارًا لكل وحدة على السفن الأجنبية التي تنقل مركبات.
- قيود إضافية ستُفرض على السفن التي تنقل الغاز الطبيعي المسال ابتداءً من العام الرابع، وتتصاعد تدريجيًا على مدار 22 عامًا.
ووفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فإن هذه الرسوم تُعد أقل حدة مقارنةً بمقترح سابق نُوقش في فبراير الماضي، والذي تضمن فرض رسوم تصل إلى 1.5 مليون دولار على كل زيارة تقوم بها السفن الصينية إلى الموانئ الأميركية.
الإعفاءات المقررة
تشمل الإعفاءات السفن القادمة فارغة لتحميل صادرات مثل الفحم أو الحبوب، والسفن التي تنقل البضائع بين الموانئ الأميركية أو منها إلى الجزر الكاريبية والمناطق التابعة للولايات المتحدة. كما تم إعفاء السفن الأميركية والكندية العاملة في منطقة البحيرات العظمى.
ردود الفعل الصينية والدولية
أعربت وزارة الخارجية الصينية عن رفضها للإجراءات، حيث قال المتحدث الرسمي لين جيان إن “الرسوم ستكون ضارة لجميع الأطراف”، مؤكدًا أن القرار الأميركي “يرفع من تكاليف الشحن العالمية ويهدد استقرار سلاسل الإنتاج والتوريد”، مضيفًا أن الخطوة لن تنجح في إنعاش قطاع بناء السفن الأميركي.
من جانبها، حذرت اتحادات أعمال أميركية تمثل نحو 30 قطاعًا اقتصاديًا من تداعيات هذه الرسوم، معتبرة أنها قد تضر بالزراعة والصناعات التحويلية، وتؤدي إلى رفع أسعار السلع على المستهلك الأميركي.
خلفيات القرار والتصعيد التجاري المستمر
يأتي هذا القرار ضمن سلسلة إجراءات تصعيدية في الحرب التجارية الممتدة بين واشنطن وبكين. وكان الرئيس السابق جو بايدن قد أطلق تحقيقًا بشأن “ممارسات الصين غير العادلة” في قطاع الشحن وبناء السفن، وهو التحقيق الذي واصل الرئيس الحالي دونالد ترامب متابعته، معلنًا عن إنشاء مكتب خاص لبناء السفن تابع مباشرة للبيت الأبيض.
وصرّح ممثل التجارة في البيت الأبيض جيمسون غرير بأن “السفن والتجارة البحرية ركيزة أساسية في الأمن الاقتصادي الأميركي”، مضيفًا أن السياسة الجديدة تهدف إلى “كسر الهيمنة الصينية وإعادة بناء قدرات أميركية ذاتية في هذا المجال”.
تراجع النفوذ الأميركي في بناء السفن
تشير بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية إلى أن الولايات المتحدة فقدت مكانتها العالمية في بناء السفن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وباتت تمثل حاليًا 0.1% فقط من الإنتاج العالمي، بينما تسيطر الصين على نحو 50% من السوق، متقدمة على كوريا الجنوبية واليابان.
تداعيات عالمية مرتقبة
بحسب “بي بي سي”، فإن الرسوم الأميركية الجديدة جاءت في وقت حساس تعاني فيه التجارة العالمية من تقلبات متزايدة. فقد أدت الرسوم الجمركية التي أعادت إدارة ترامب فرضها منذ يناير/كانون الثاني الماضي إلى تحويل مسار العديد من السفن الصينية من الموانئ الأميركية إلى الأوروبية، مما تسبب بازدحام كبير في موانئ مثل فيلكستو البريطانية، وروتردام الهولندية، وبرشلونة الإسبانية.
وأشار سانه ماندرز، الرئيس التنفيذي لشركة “فليكس بورت” للخدمات اللوجستية، إلى أن هذه التحولات ساهمت في زيادة واردات الصين إلى المملكة المتحدة بنسبة 15%، وإلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 12% خلال الربع الأول من عام 2025.
وأكد ماندرز أن الشركات ستلجأ إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد لتفادي الرسوم الأميركية، مشددًا على أن المستهلك الأميركي سيكون أول المتأثرين بهذه السياسة من خلال ارتفاع الأسعار في السوق المحلية.