الأخبار الوطنيةاقتصاد

التوسع الاقتصادي والانتعاش التجاري في منطقة حرة بين الجزائر وموريتانيا

الجزائر وموريتانيا تُعلنان إنشاء منطقة حرة للتبادل التجاري ابتداءً من عام 2024، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي الذي شهد تقدمًا نوعيًا خلال الأعوام الأربعة الماضية. يأتي هذا الإعلان بعد استئناف الجزائر لتجارة المقايضة مع موريتانيا ومالي والنيجر، بعد توقفها في عام 2020 بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة في منطقة الساحل بغرب أفريقيا.

تسعى الجزائر بشكل متسارع لتوسيع تواجدها في السوق الموريتانية، التي تُعتبر بوابة للوصول إلى العديد من الدول الأفريقية، بعد أن كانت السوق المغربية هي المورد الرئيسي لموريتانيا على مدى عقود.

طريق ومعابر حدودية

في أغسطس/آب 2018، افتتحت الجزائر أول معبر حدودي مع موريتانيا، مباشرة بعد إنجاز الطريق البري البالغ طوله 775 كيلومترًا الذي يربط ولاية تندوف الجزائرية بمدينة الزويرات الموريتانية، وقد اكتملت أعماله النهائية في العام الماضي.

على الرغم من التحديات الناجمة عن جائحة كوفيد-19 في عام 2020، نجحت البلدين في تسيير جسر جوي لضمان استمرارية التبادل التجاري والحركة الاقتصادية.

وفي فبراير/شباط 2022، قادت الإدارة العامة للتجمع الجزائري للنقل البحري (غاتما) أول رحلة بحرية لنقل البضائع بين ميناء نواكشوط والجزائر، حيث استغرقت الرحلة 6 أيام.

أعلن وزير الداخلية الجزائري عن قرب افتتاح معبرين حدوديين في عام 2024، حيث اكتملت أعمال البناء بهما بنسبة تتجاوز 90%.

تسعى الجزائر إلى دخول نادي الدول المصدرة نحو الدول الأفريقية، حيث تتمتع بصناعات متنوعة في مجالات الصيدلة، والبناء والأشغال، والمنتجات الزراعية.

تعتبر الشركات الجزائرية موريتانيا بوابة لمنتجاتها نحو غرب أفريقيا، التي تعتبر أسواقها مراكز جذب للمستثمرين.

وتمتلك موريتانيا ثروة سمكية هائلة تقدر طاقة تصديرها السنوية بـ 1.8 مليون طن، وقد سجلت آخر الإحصائيات في وكالة ترقية الاستثمارات في نواكشوط أن نسبة تصدير الأسماك لم تتجاوز 1.2 مليون طن، مما يشير إلى حاجة موريتانيا لشركاء اقتصاديين لتصدير هذه الثروة البحرية. وقد عملت في السنوات الأخيرة على تطوير البنية التحتية من خلال تجهيز 4 موانئ بحرية هي نواذيبو ونواكشوط وتانيت وندياغو.

تصاعد في مؤشر التبادل

بعد افتتاح المعبر الحدودي بين الجزائر وموريتانيا في عام 2018، شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورًا إيجابيًا، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات بين غرف التجارة والصناعة في كلا البلدين لتعزيز الفرص الاقتصادية وتشكيل مراكز تنموية.

في أكتوبر/تشرين الأول 2018، تم افتتاح معرض للمنتجات الجزائرية شاركت فيه 170 شركة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري نحو 50 مليون دولار في العام نفسه، وارتفعت هذه الأرقام إلى 87 مليون دولار في عام 2021.

واستمرت الأرقام في التصاعد، حيث وصلت قيمة المبادلات التجارية في الربع الأول من العام 2023 إلى نحو 187 مليون دولار.

وفي سبتمبر/أيلول 2023، افتتحت الحكومة الجزائرية فرعًا لبنك الاتحاد الجزائري في نواكشوط، وهو أول فرع بنكي يتم افتتاحه من قبل الجزائر في الخارج. تهدف هذه الخطوة إلى تسهيل الحركة التجارية بين المؤسسات النشطة في البلدين، متجاوزةً التحديات المتعلقة بالتحويلات المالية.

وبمصاحبة افتتاح المؤسسة المالية، تم إطلاق معرض دائم للشركات الجزائرية في نواكشوط، وذلك لعرض أحدث المنتجات الجزائرية وجذب انتباه الموردين الموريتانيين نحوها.

علاقات متينة

أوضح الدكتور حكيم بوغرارة، الأكاديمي والأستاذ في جامعة المدية بالجزائر، أن قرار إقامة السوق الحرة بين الجزائر وموريتانيا يعكس نتيجة لسنوات من التشاور والتعاون البناء بين الحكومتين، بهدف استغلال المكانة الجغرافية الواسعة بين البلدين.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار إلى أن التنمية في المناطق الحدودية تتعدى تعزيز التبادل التجاري إلى الأبعاد الأمنية من خلال تعزيز الرقابة على الحدود للتصدي لجماعات التهريب.

وأضاف أن تعزيز العلاقات بين الجارتين من خلال التبادل التجاري وإعادة تفعيل التجارة بالمقايضة سيقوي العلاقات السياسية ويوحد وجهات النظر حول قضايا مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.

وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أكد بوغرارة أن قوة هذه العلاقات تكمن في احترام مواقف كل طرف من الطرفين.

زار الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الجزائر في ديسمبر 2021، حيث وقع مذكرات تعاون مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون. وفي سبتمبر 2022، زار رئيس الوزراء الجزائري ووزراء حكومته نواكشوط، وشهدوا توقيع 26 اتفاقية تتعلق بالطاقة والكهرباء والمعادن والغاز.

وتعكس هذه الخطوات جهود الجزائر لتعزيز تواجدها في غرب أفريقيا، حيث أعلنت عن استعدادها لاستئناف تجارة المقايضة مع نواكشوط ومالي والنيجر لتسهيل تعزيز نفوذها في أسواق تلك الدول.

منطقة واعدة

تتميز دول غرب أفريقيا والساحل بإمكانيات استثمارية هائلة نتيجة لاكتشافات الغاز والنفط والذهب. تسعى موريتانيا جاهدة لتحقيق دورها الاستراتيجي كحلقة وصل مهمة عبر موانئها وشبكتها البرية التي تربط بين العالم ودول غرب أفريقيا والساحل.

تحظى الجزائر أيضًا بإنجازات كبيرة في خلق بيئة مناسبة لتوسيع نطاق استثماراتها في القارة الإفريقية، حيث تم إنجاز طريق الساحل الأفريقي الذي يربط النيجر وتشاد ونيجيريا بموانئها. وقد تم الانتهاء من بناء الطريق بين تندوف ومدينة الزويرات الموريتانية، التي تعد مصدرًا لتصدير الحديد عبر ميناء نواذيبو، العاصمة الاقتصادية.

يُظهر الدكتور حكيم بوغرارة أن الجزائر لعبت دورًا فاعلًا في مكافحة الفقر في دول الساحل، حيث قامت بتخصيص مليار دولار من خلال وكالة التنمية الدولية لمساعدة الساحل في إقامة مرافق تعزز جودة الحياة العامة.

زر الذهاب إلى الأعلى