أوكرانيا توقف نقل الغاز الروسي إلى أوروبا في خطوة تاريخية تعزز ورقة الضغط ضد موسكو

في أول صباح من عام 2025، أعلنت أوكرانيا عن وقف عمليات نقل الغاز الروسي إلى مولدوفا ودول أوروبا عبر أراضيها، وذلك لأول مرة منذ عام 1967. ووصف وزير الطاقة الأوكراني، هيرمان هالوشينكو، هذا القرار بـ”التاريخي”، مشيرًا إلى أنه يرتبط بمصلحة الأمن القومي، خاصة في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا التي تقترب من عامها الثالث.
توقف أكبر شبكة نقل غاز في أوروبا بتنفيذ هذا القرار، تتوقف ثاني أوسع شبكات نقل الغاز في أوروبا، والتي تعد واحدة من أكبر الشبكات على مستوى العالم. كانت هذه الشبكة الوسيلة الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة، لنقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى أوروبا منذ عقود. حيث كانت شبكات النقل الأوكرانية تشكل 95% من الطرق التي أنشأها الاتحاد السوفياتي لنقل وتصدير الغاز، بطول يقدر بحوالي 37 ألف كيلومتر، مع أكثر من 120 محطة للضغط و13 مخزنًا تحت الأرض.
تراجع تدفق الغاز الروسي على الرغم من أن قدرة هذه الشبكات كانت تصل إلى 100 مليار متر مكعب من الغاز قبل نحو 15 عامًا، إلا أن الأزمات السياسية والعسكرية بين كييف وموسكو أدت إلى تراجع التدفق، ليصل إلى نحو 40 مليار متر مكعب بعد عام 2015، ويقل عن 15 مليارًا في عام 2023.
الدول المتضررة كان الغاز الروسي يتدفق عبر خط “أوجهورود” إلى دول مثل مولدوفا وسلوفاكيا والمجر والنمسا، ومنها إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي. وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، كانت هذه الشبكات تلبي نحو 65% من احتياجات سلوفاكيا والنمسا للغاز الروسي، وحوالي 80-85% من احتياجات المجر. ومع وقف نقل الغاز، تصبح هذه الدول الأكثر تأثرًا في ظل نقص البدائل وارتفاع أسعار الغاز التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة منذ بداية الحرب.
أوكرانيا تستخدم الغاز كورقة ضغط تصر أوكرانيا، لأول مرة، على رفض تمديد اتفاقية العبور مع روسيا، على عكس مواقفها في الأزمات السابقة. المحلل الاقتصادي إيهور بوراكوفسكي يوضح أن أوكرانيا تدرك أهمية شبكة النقل بالنسبة لروسيا وأوروبا، وتحولت هذه الشبكة إلى ورقة ضغط لصالح أوكرانيا، حيث تسعى لإجبار روسيا على تقديم تنازلات ورفع الضغوط على موسكو من قبل الدول الغربية.
واقع أوكرانيا الحالي رغم المخاطر المحتملة من قصف الشبكات أو تدهور العلاقات مع الدول المتضررة، يرى بوراكوفسكي أن أوكرانيا ليس لديها ما تخسره. فقد أصبحت عمليات نقل الغاز التي تمتد لعقود أشبه بخدمة مفروضة على أوكرانيا، التي ترى أنها كانت غير عادلة من الناحية الاقتصادية.
مستقبل شبكات النقل في المستقبل، قد تستخدم أوكرانيا الشبكات لنقل الغاز المحلي والتخزين، خاصة إذا قررت زيادة إنتاجها من الغاز الذي انخفض إلى 20 مليار متر مكعب سنويًا قبل الحرب.
البحث عن بدائل أوكرانيا لم تعد تكترث بمواقف الدول المجاورة المتضررة، خاصة أن معظم الدول الأوروبية تدرك أهمية الابتعاد عن التعامل مع روسيا. ومع ذلك، تواجه دول مثل سلوفاكيا والمجر، التي كانت تعتبر أوكرانيا مذنبة أمام روسيا، الانتقادات الأكبر بسبب تأثرها بوقف نقل الغاز.
وفي النهاية، تعتبر أوكرانيا أن من غير المنطقي تقديم مصالح دول تسيء لها على حساب مصالحها في ظل الحرب القائمة.