أفغانستان وتحدي القضاء على زراعة الأفيون: بين الجهود الحكومية والدعم الدولي

تواجه أفغانستان تحديًا معقدًا في الحد من زراعة الأفيون، التي تشكل ركيزة اقتصادية أساسية للعديد من المزارعين، لكنها في الوقت ذاته تغذي تجارة المخدرات العالمية، مما يهدد الأمن الإقليمي والدولي.
واقع زراعة الأفيون في أفغانستان
قبل سيطرة حركة طالبان على الحكم في أغسطس/آب 2021، كانت أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم، حيث زُرعت نحو 250 ألف هكتار من الأراضي بهذه المادة، وشكل إنتاجها حوالي 80% من الإنتاج العالمي، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
جهود طالبان للحد من زراعة الأفيون
بعد توليها الحكم، أعلنت طالبان نيتها القضاء على زراعة الأفيون، وأصدرت حظرًا على زراعته، ما أدى إلى انخفاض المساحات المزروعة بنسبة 95% في عام 2023 مقارنة بعام 2022. إلا أن التقارير الأخيرة تشير إلى انتعاش محدود في 2024، حيث زُرعت نحو 12,800 هكتار، مع تحول مراكز الإنتاج إلى مناطق مثل ولاية بدخشان شمال شرقي البلاد.
هل نجحت الحكومة الأفغانية في مكافحة زراعة الأفيون؟
رغم الجهود المبذولة، لا يزال التطبيق الفعلي للحظر يواجه تحديات كبيرة، خاصة في مناطق مثل قندهار وهلمند، حيث يعتمد المزارعون على الأفيون كمصدر رئيسي للدخل. وتشير بعض التقارير إلى احتمال تورط أفراد من طالبان في تجارة الأفيون بشكل غير رسمي، ما يزيد من تعقيد جهود القضاء عليه.
الدور الدولي في مكافحة زراعة الأفيون
تسعى العديد من الدول والمنظمات الدولية إلى تقديم حلول بديلة لمزارعي الأفيون في أفغانستان. وتعد تركيا من أبرز الجهات الداعمة، حيث أطلقت برامج زراعة بديلة تشمل توزيع بذور محسنة ومعدات زراعية، خاصة في ولاية لوغر. كما تواصل الأمم المتحدة ووكالة مكافحة المخدرات الأميركية تقديم دعمها لتعزيز هذه الجهود.
المبادرة التركية للزراعة البديلة
في إطار دعمها لأفغانستان، قدمت تركيا مبادرات تستهدف تحويل المزارعين نحو محاصيل بديلة، من خلال توفير البذور المعدلة والأسمدة، بالتعاون مع وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) ومنظمة التعاون الإسلامي.
تحديات تطبيق الزراعة البديلة
أكد نائب وزير الزراعة الأفغاني، أعظم الدين عثماني، أن التحول من زراعة الأفيون إلى محاصيل أخرى يمثل تحديًا كبيرًا، إذ يعتمد العديد من المزارعين على الأفيون كمصدر رزق أساسي. وأشار إلى أن الحكومة تعمل على تنفيذ خطة خمسية تشمل مشاريع زراعية بديلة، مثل زراعة القمح والشعير والذرة، إلى جانب تطوير أنظمة الري وبناء 700 سد صغير لتحسين إدارة المياه.
الحرب على تجارة المخدرات
في إطار جهود مكافحة المخدرات، أعلنت الحكومة الأفغانية ضبط أكثر من ألف كيلوغرام من الأفيون في ولاية بدخشان، واعتقال مهربي المخدرات، في عمليات أمنية نفذتها قوات مكافحة المخدرات المحلية.
أصوات من داخل أفغانستان
يؤكد المدمنون الذين يتلقون العلاج في مستشفيات مكافحة الإدمان أن استمرار زراعة الأفيون يزيد من انتشار المخدرات والجريمة. ودعوا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد تجار المخدرات، مشددين على أهمية خلق بيئة خالية من هذه المواد السامة لضمان التعافي وبناء مستقبل أفضل.
نحو مستقبل خالٍ من الأفيون
تتطلب مكافحة زراعة الأفيون في أفغانستان جهدًا مشتركًا بين الحكومة والمجتمع الدولي، عبر توفير بدائل اقتصادية مستدامة للمزارعين، وتعزيز الرقابة على تجارة المخدرات، لضمان تحقيق تنمية مستدامة بعيدًا عن هذه الآفة.