الأخبار الدولية

تسريبات استخباراتية تفجّر أزمة بواشنطن: هل فشلت الضربة الأميركية في تدمير النووي الإيراني؟

أثار تسريب تقييمات استخباراتية تتعلق بحجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة، وصل إلى حد تبادل الاتهامات بـ”الخيانة”، في ظل تضارب التصريحات الرسمية مع الوقائع الاستخباراتية المسربة.

وبحسب شبكة “إن بي سي”، فإن تقييماً سرياً للهجمات الأميركية على إيران، تم تقديمه إلى الكونغرس واطلع عليه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ في جلسات مغلقة، خلُص إلى أن الضربات الجوية الأميركية أوقفت تقدم البرنامج النووي الإيراني لعدة أشهر، لكنها لم تنجح في تعطيله كلياً.

وفي السياق ذاته، نقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن تقرير لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية أن الضربات التي استهدفت منشآت نطنز وفوردو وأصفهان النووية الإيرانية، أسفرت عن أضرار جسيمة في تلك المواقع، إلا أنها لم تؤدِ إلى تدميرها بالكامل.

وأشار التقرير إلى أن جزءاً من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب تم نقله من المواقع المستهدفة قبل تنفيذ الضربات، ما ساهم في نجاته، كما أن غالبية أجهزة الطرد المركزي لم تتعرض لأضرار كبيرة.

وفيما يتعلق بمنشأة فوردو الواقعة داخل نفق عميق أسفل جبل، على عمق يتراوح بين 80 و90 متراً، أفاد التقرير بأن مدخل المنشأة قد انهار وتضررت بعض البنى التحتية، غير أن الهيكل الداخلي المحصن ظل سليماً.

مصادر مطلعة كانت قد حذرت سابقاً من محدودية فعالية أي هجوم على منشأة فوردو بسبب موقعها المحصن، وهي تحذيرات أكدها التقرير الاستخباراتي الأخير، ما يتعارض بشكل لافت مع تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اللذين أعلنا بأن البرنامج النووي الإيراني قد “تم تدميره بالكامل”.

وفي هذا الإطار، عبّر السيناتور الأميركي كريس فان هولن لموقع “أكسيوس” عن قلقه الشديد من “تحريف ترامب للمعلومات الاستخباراتية وتوظيفها سياسياً”.

في المقابل، اعتبر المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن تسريب هذه المعلومات السرية يمثل “خيانة يجب أن تُعاقب”، بينما وصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التقارير الاستخباراتية التي تحدثت عنها وسائل الإعلام بأنها “كاذبة”، مؤكداً أن الضربة الأميركية “أبعدت إيران كثيراً عن بناء سلاح نووي”، حسب ما نقلته مجلة “بوليتيكو”.

من جهته، رفض البيت الأبيض نتائج تقرير وكالة استخبارات الدفاع واعتبرها “خاطئة تماماً”، حيث قالت المتحدثة باسمه، كارولين ليفيت، في بيان: “تسريب هذا التقييم المزعوم هو محاولة واضحة للنيل من الرئيس ترامب، والتقليل من نجاح الطيارين الذين نفذوا العملية بدقة مدهشة”.

وأضافت: “الجميع يعلم أن إسقاط 14 قنبلة تزن 30 ألف رطل على أهداف نووية يعني دماراً شاملاً”.

وفي سلسلة من التصريحات خلال الأيام الماضية، أكد ترامب أن الضربة الأميركية “دمرت بالكامل” مواقع نطنز وفوردو وأصفهان، مؤكداً أن إيران “لن تكون قادرة أبداً على إعادة بناء منشآتها النووية”.

أما نتنياهو، فقال في خطاب متلفز: “لقد وعدتكم لعقود بأن إيران لن تمتلك سلاحاً نووياً، وها نحن قد دمرنا برنامجها النووي بالفعل”.

وكانت إسرائيل، بدعم أميركي، قد شنت في 13 يونيو/حزيران الجاري، حرباً استمرت 12 يوماً ضد إيران، استهدفت خلالها مواقع نووية وعسكرية ومدنية، إضافة إلى اغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، ما أسفر عن مقتل 606 أشخاص وإصابة 5332 آخرين، وفق إحصاءات وزارة الصحة الإيرانية.

وردّت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة استهدفت مقار عسكرية واستخبارية إسرائيلية، تمكن عدد كبير منها من اختراق أنظمة الدفاع الجوي، ما تسبب في حالة من الذعر والدمار، وأسفر عن مقتل 28 شخصاً وإصابة 3238 آخرين، وفق بيانات وزارة الصحة الإسرائيلية ووسائل إعلام محلية.

وعقب الرد الإيراني، شنت الولايات المتحدة غارات على المنشآت النووية الإيرانية، معلنة أن البرنامج النووي “انتهى”، لترد طهران لاحقاً بقصف قاعدة “العديد” الأميركية في قطر، قبل أن تعلن واشنطن، في 24 يونيو/حزيران، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.

زر الذهاب إلى الأعلى