الصحة

تقنية النانو تفتح آفاقاً جديدة في تشخيص وعلاج سرطان الثدي

سلّط باحثون الضوء على الإمكانات المتقدمة لتقنية النانو في تحسين رعاية مرضى سرطان الثدي، مؤكدين أن الجسيمات النانوية تُحدث تحولاً جذرياً في طرق التشخيص والعلاج، من خلال تمكين الكشف المبكر، وتعزيز دقة توصيل الأدوية، وتقديم حلول مبتكرة لمواجهة الأنواع العدوانية من الأورام.

وفي مراجعة علمية نُشرت حديثاً بمجلة MedComm–Biomaterials and Applications في 5 مايو/أيار، واستعرضها موقع EurekAlert، تناول باحثون من جامعة سيتشوان الصينية أحدث الأبحاث حول توظيف تكنولوجيا النانو في هذا المجال الواعد.

ما هي الجسيمات النانوية؟

الجسيمات النانوية هي جزيئات دقيقة يتراوح قطرها بين 1 و100 نانومتر، أي أنها أصغر آلاف المرات من قطر شعرة الإنسان. وتتميّز هذه الجسيمات بخصائص فيزيائية وكيميائية فريدة تُمكّنها من التفاعل بدقة عالية مع الخلايا والأنسجة، مما يجعلها أداة مثالية في الطب الحديث، خاصة في تشخيص وعلاج السرطان.

سرطان الثدي وتحدياته

يُعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء على مستوى العالم، سواء في الدول النامية أو المتقدمة، ويعود ظهوره إلى عوامل متعددة تشمل الوراثة ونمط الحياة. ويبدأ المرض غالباً في خلايا القنوات المنتجة للحليب أو في الأنسجة الغدية للثدي، ثم ينتشر إلى الغدد اللمفاوية وأجزاء أخرى من الجسم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تم تسجيل أكثر من 2.26 مليون إصابة بسرطان الثدي الثلاثي السلبي على مستوى العالم في عام 2020، ليُصبح في صدارة الأورام الخبيثة من حيث الانتشار. ويتميز هذا النوع من السرطان بغياب مستقبلات الهرمونات (الإستروجين والبروجسترون) ومستقبلات عامل نمو البشرة البشري 2 (HER2)، مما يجعله أكثر عدوانية وصعوبة في العلاج، إذ تصل نسبة الوفيات في مراحله المتقدمة إلى 40% خلال السنوات الخمس الأولى بعد التشخيص.

حدود الطرق التقليدية

تعتمد أساليب التشخيص الحالية على التصوير بالأشعة السينية (الماموغرام) وخزعات الأنسجة، لكنها غالباً ما تُخفق في اكتشاف الأورام في مراحلها المبكرة. كما تُسبب العلاجات التقليدية—مثل الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي—آثاراً جانبية كبيرة وتفتقر إلى الدقة في استهداف الأورام المتقدمة أو المنتشرة.

آفاق واعدة لتقنية النانو

في ظل هذه التحديات، تقدم تكنولوجيا النانو حلولاً ثورية في مسار تشخيص وعلاج سرطان الثدي:

  • التصوير التشخيصي الدقيق: يمكن استخدام جسيمات أكسيد الحديد النانوية كعوامل تباين فعالة تساعد في الكشف المبكر والدقيق عن الأورام، بفضل قدرتها على التراكم في المناطق المصابة وتعزيز وضوح الصور الطبية.
  • توصيل الأدوية بفعالية: يُمكن تصميم الجسيمات النانوية كحاملات متقدمة تُحسّن ذوبان الأدوية واستقرارها وتوجيهها بدقة نحو الخلايا السرطانية. فعلى سبيل المثال، يتيح اقتران الجسيمات بالأجسام المضادة استهداف الخلايا المصابة دون التأثير على الأنسجة السليمة، مما يقلل من الآثار الجانبية.
  • العلاج الحراري والضوئي: تُستخدم الجسيمات النانوية في توليد حرارة تستهدف الخلايا السرطانية عبر تقنية العلاج بفرط الحرارة أو العلاج الضوئي الحراري، وهي طرق غير جراحية تدمّر الخلايا السرطانية بكفاءة. كما يُعزز العلاج الضوئي الديناميكي—الذي يجمع بين الأدوية الحساسة للضوء والتعرض للضوء—من فعالية العلاج بفضل دقة توصيله وتقليل تأثيراته الجانبية.
  • العلاج الجيني: تفتح الجسيمات النانوية آفاقاً جديدة في العلاج على المستوى الجزيئي، من خلال توصيل الأحماض النووية مثل الحمض الريبي (RNA) إلى الخلايا السرطانية لتنظيم التعبير الجيني، أو تثبيط الجينات المسببة للسرطان، أو تنشيط الجينات الكابحة لنمو الورم.

نظرة مستقبلية

يُظهر التقدم في تقنية النانو قدرة حقيقية على إحداث تحول جذري في طريقة تعامل الطب مع سرطان الثدي، لا سيما الأنواع المقاومة للعلاج. ومع استمرار الأبحاث في هذا المجال، تزداد الآمال بتطوير حلول أكثر دقة وأقل ضرراً، تُمهّد الطريق لعصر جديد من الرعاية الشخصية في مكافحة السرطان.

زر الذهاب إلى الأعلى