ثقافة

منير شفيق: من إدانة اغتيالات الاحتلال إلى وصف حصار غزة بأنه يتجاوز السفالة

خلال الأشهر الأولى من العدوان الإسرائيلي على غزة، اعتمد الاحتلال سياسة الاغتيالات بحق القيادات الفلسطينية. حينها وصف المفكر الفلسطيني منير شفيق هذه الممارسات بأنها “إخلال بالشرف العسكري”، مؤكداً أن القتال لا بد أن يبقى “شريفاً”.

وبعد عام على لقائه مع الجزيرة، عاد شفيق ليتحدث عن سياسة التجويع في غزة، واصفاً إياها بما يتجاوز “السفالة”، معتبراً أن كلمة “إبادة” وحدها لم تعد كافية لوصف الانحدار الأخلاقي في تعامل الاحتلال مع المدنيين.

في ظل هذا المشهد، بدا القانون الدولي عاجزاً عن توصيف ما يحدث، وكذلك لغة الصحافة، التي لجأت بدورها إلى استعارات الأدب. هكذا نشرت صحيفة إل فاتو كوتيديانو الإيطالية صورة طفل من غزة يعاني الجوع، مرفقة عنواناً مستوحى من كتاب بريمو ليفي الناجي من الهولوكوست: “إن كان هذا إنساناً”؛ لكنها عدّلته إلى “إن كان هذا طفلاً”.

المقارنة بين الحاضر والماضي تُبرز التباين الفادح. ففي رواية “الذئب والقمر” للإيطالي بيترانجيلو بوتافوكو، يصف المؤلف هدنة نبيلة سبقت معركة بين العثمانيين وأهالي صقلية؛ هدنة امتلأت بالمظاهر الفروسية، حيث وزع القائد العثماني الطعام على الفقراء، بمن فيهم خصومه.

أما غزة اليوم، فتهدئة أيامها مشوبة بالقصف، وطرود المساعدات تتحول إلى فخاخ موت، والدقيق الفاسد يُمنع أو يُستغل كسلاح.

الأدب الإيطالي لم يقف صامتاً أمام هذا الجحيم. الشاعرة روسيلا أور جسدت في قصيدتها “في قطاع غزة” صوراً لأحياء عطشى، ونساء حافيات، وأطفال بابتسامات ميتة، في مشهد يغمره الغبار والدم.

شعراء إيطاليا من مختلف المدارس، من فرانكو أرمينيو إلى الأصوات الشابة، جعلوا غزة حاضرة في قصائدهم، سواء في دور النشر الكبرى أو عبر المنصات الرقمية. بعض النصوص تحولت إلى بيانات إدانة شعرية، وأخرى إلى تأملات إنسانية عميقة، لكنها جميعاً تشترك في كونها شهادة أدبية على إبادة تُرتكب على مرأى العالم.

لقد انغرس اسم غزة في الوجدان الإيطالي، وسيظل الأدب هناك يروي حكاية مدينة حوصرت وجوّعت، لكن لم تُمحَ من الذاكرة، بفضل كلمات كتّاب لم يبخلوا بأصواتهم حين صمت الساسة.

زر الذهاب إلى الأعلى