رياض محرز: الدوري السعودي يتطور بسرعة لكنه لا يزال بعيداً عن المستوى الأوروبي

كشفت دراسة طويلة الأمد استمرت 16 عامًا أن الحفاظ على حالة ذهنية إيجابية قد يساهم في تقليل خطر ضعف الذاكرة في منتصف العمر، مما يعزز أهمية الصحة النفسية في دعم القدرات الإدراكية مع التقدم في السن.
تتبّع فريق الباحثين أكثر من 10,760 شخصًا فوق سن الخمسين ضمن الدراسة الطولية الإنجليزية للشيخوخة، ووجدوا أن الأفراد الذين سجلوا معدلات أعلى من الرفاهية النفسية أظهروا أداءً أفضل في اختبارات الذاكرة قصيرة المدى وطويلة المدى. كما أبلغ هؤلاء المشاركون عن شعور أكبر بالتحكم في حياتهم، واستقلالية في اتخاذ القرارات، وإحساس أعمق بالحرية.
علاقة ذات دلالة… وإن كانت محدودة
ورغم أن العلاقة بين الرفاهية والذاكرة كانت محدودة من حيث الحجم الإحصائي، فإن الباحثين شددوا على أهميتها. وعلّق الدكتور جوشوا ستوت، أستاذ الشيخوخة وعلم النفس السريري في جامعة كوليدج لندن، قائلًا:
“تمثل هذه الدراسة خطوة مهمة لفهم كيف يؤثر الشعور بالرفاهية على الذاكرة عبر الزمن. هي تقدم نظرة جديدة على التفاعل المتبادل بين الصحة النفسية والقدرات الإدراكية. ورغم أن النتائج أولية، فإنها تسلط الضوء على ضرورة إدراج الجوانب النفسية والاجتماعية في أي نقاش حول صحة الدماغ.”
منهجية الدراسة
بدأت الدراسة عام 2002، حيث خضع المشاركون لتقييمات منتظمة للذاكرة والرفاهية النفسية كل عامين، بمجموع تسع مرات خلال 16 عامًا. تم اختبار الذاكرة من خلال قدرة المشاركين على تعلّم واسترجاع عشر كلمات مباشرة وبعد فترة زمنية. أما الرفاهية فتم قياسها باستخدام استبيان جودة الحياة، والذي شمل أسئلة حول الشعور بالتحكم، والمتعة، والحرية، مثل:
- “أشعر أنني أستطيع القيام بالأشياء التي أرغب بها”
- “أشعر أن الحياة مليئة بالفرص”
رفاهية أعلى، ذاكرة أقوى
أظهرت النتائج وجود ارتباط بين ارتفاع مستوى الرفاهية وتحسّن الأداء في اختبارات الذاكرة، حتى عند احتساب العوامل المتعلقة بالاكتئاب. وأشار الباحثون إلى أن من بين التفسيرات المحتملة لهذا الارتباط، أن الأشخاص الأكثر إيجابية قد يكونون أكثر ميلاً لممارسة النشاط البدني، ما يعزز صحة الدماغ والجسم معًا.
كما أشاروا إلى أن مجموعة من العوامل الأخرى – مثل العمر، الجنس، نمط الحياة، والوضع الاجتماعي والاقتصادي – قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على كل من الرفاهية والذاكرة.
ورغم عدم وجود دليل حاسم على أن ضعف الذاكرة يسبب انخفاضًا في الرفاهية، لم يستبعد الباحثون هذا الاحتمال بشكل تام.
توصيات وتحذيرات
من جانبها، علّقت إيما تايلور، مديرة خدمات المعلومات في مؤسسة أبحاث ألزهايمر بالمملكة المتحدة، بالقول:
“هذه الدراسة مبنية على الملاحظة، لذا لا يمكننا الجزم بعلاقة سببية واضحة. ومع ذلك، تؤكد النتائج أن العناية بالقلب، والبقاء نشيطين ومتصّلين اجتماعيًا، كلها مفاتيح أساسية للحفاظ على صحة الدماغ مع التقدم في العمر.”
وأضافت:
“الاهتمام برفاهيتنا النفسية هو جزء لا يتجزأ من صحتنا العامة. ومن المهم أن نبدأ في اتخاذ خطوات داعمة للدماغ في أي مرحلة من مراحل الحياة، لتقليل مخاطر الخرف وتأثيراته المدمرة.”
وفي ختام الدراسة، عبّرت الدكتورة إميلي ويلروث، الأستاذة المساعدة في العلوم النفسية والدماغية في جامعة واشنطن بسانت لويس والمشاركة في البحث، عن تطلعاتها المستقبلية قائلة:
“نأمل أن تمهّد هذه النتائج الطريق لتطوير استراتيجيات عملية تُعزز الصحة الإدراكية لدى كبار السن، وهذا هو الهدف النهائي الذي نسعى إليه.”