مصطلحات مثل “بطن الكورتيزول” و”وجه الكورتيزول”.. تبسيط مفرط لحقيقة بيولوجية معقدة

يتداول عدد من النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي مصطلحات رائجة مثل “بطن الكورتيزول” و*”وجه الكورتيزول”*، في محاولة لتفسير زيادة الوزن أو انتفاخ الوجه على أنها نتيجة مباشرة لارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم. ورغم ما يبدو من بساطة الطرح، فإن هذا النوع من التبسيط يختزل تفاعلات بيولوجية معقدة في عناوين مثيرة، تزرع القلق أكثر مما تقدم فهما حقيقيا، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية.
ما هو الكورتيزول فعلاً؟
الكورتيزول هو هرمون يُفرَز من الغدد الكظرية الموجودة أعلى الكليتين، ويعد جزءاً محورياً من استجابة الجسم الفسيولوجية للتوتر. يُعرف هذا الهرمون بأنه “نظام الإنذار الداخلي”، حيث يعمل على تحفيز ردود الفعل السريعة في الحالات الطارئة، مثل الهروب من خطر مفاجئ أو التعامل مع الضغوط اليومية.
كما يلعب الكورتيزول دورًا حيويًا في تنظيم الطاقة، والتمثيل الغذائي، ومستوى السكر في الدم، والضغط الدموي. ولكن حين يستمر التوتر لفترات طويلة، ترتفع مستويات الكورتيزول بشكل مزمن، ما قد يؤدي إلى مشكلات صحية مثل زيادة الوزن، خاصة في منطقة البطن، وكذلك تغيرات في توزيع الدهون، قد تؤثر على مظهر الوجه.
التوتر المزمن وتراكم الدهون
يشير خبراء الصحة إلى أن التوتر المستمر قد يؤثر على توزيع الدهون في الجسم، وخاصة في الوجه والبطن. ولكن يجب أن نفهم أن هذه التغيرات لا تحدث نتيجة الكورتيزول وحده، بل نتيجة تفاعل معقد بين عوامل متعددة، من أبرزها:
- الوراثة
- النظام الغذائي
- مستوى النشاط البدني
- جودة النوم
وعليه، فإن اختزال السبب في “الكورتيزول فقط” يُشبه — كما يصفه التقرير — “تحميل مكيف الهواء مسؤولية التغير المناخي”.
متى يكون الكورتيزول مشكلة طبية حقيقية؟
في بعض الحالات النادرة، مثل متلازمة كوشينغ، يفرز الجسم كميات مفرطة من الكورتيزول، مما يؤدي إلى تغيرات جسدية واضحة، بما في ذلك زيادة الوزن وتراكم الدهون في أماكن معينة من الجسم. إلا أن هذه الحالات تُعد استثنائية، ولا يمكن مقارنتها بتأثيرات التوتر اليومي العادي.
لهذا السبب، يوصي الخبراء بعدم الاعتماد على محتوى مواقع التواصل الاجتماعي لتشخيص الحالات الصحية، وبدلاً من ذلك يُنصح بمراجعة الأطباء المختصين إذا لاحظ الشخص أعراضًا غير معتادة أو مؤثرة.
كيف تتعامل مع التوتر بطريقة صحية وفعّالة؟
التعامل مع التوتر لا يتطلب منتجات سحرية أو أنظمة غذائية وهمية تحت عنوان “تنظيف الكورتيزول”، بل يستند إلى ممارسات حياتية بسيطة وفعّالة، مدعومة بالأبحاث العلمية:
- الحصول على نوم منتظم وكافٍ
- ممارسة الرياضة بانتظام
- تناول غذاء متوازن غني بالعناصر الأساسية
- الاهتمام بأوقات الاسترخاء والتأمل
بين الحقيقة والتهويل
رغم أن الكورتيزول يلعب دورًا مهمًا في استجابتنا للضغوط، فإن تصويره كعدو خارق يفتك بالجسم هو نوع من التهويل المضلل. فالمصطلحات الرائجة مثل “بطن الكورتيزول” و”وجه الكورتيزول” ليست سوى أدوات لجذب الانتباه وتحقيق المشاهدات، دون سند علمي دقيق.
ولذلك، فإن الحل لا يكمن في الهلع الجماعي من هرمون طبيعي، بل في إدراك أهمية اتباع نمط حياة صحي ومتوازن. فبدلًا من القلق، ربما يكون من الأفضل أن تُغلق هاتفك، تأخذ نفسًا عميقًا، وتمضي في خطوات بسيطة… لكنها فعالة حقًا في تقليل التوتر، وخفض مستويات الكورتيزول بشكل طبيعي وآمن.