تقنية

“فيسبوك” يعود لجذوره.. هل تنجح “ميتا” في استعادة بريق المنصة؟

منذ انطلاقه عام 2004، خضع “فيسبوك” لسلسلة من التحديثات التي غيّرت ملامحه جذريًا، لكن يبدو أن مارك زوكربيرغ يسعى اليوم لإعادة إحياء التجربة الأصلية للمنصة كوسيلة جديدة لدخول سباق المنافسة المتجدد في عالم التواصل الاجتماعي.

ففي خطوة مفاجئة، أعلنت شركة “ميتا” عبر تدوينة رسمية عن إطلاق تحديث جديد تحت اسم “OG Facebook” – اختصارًا لـ “Original Facebook” – يعيد التركيز على جوهر المنصة: التواصل مع الأصدقاء ومتابعة أخبارهم، بعيدًا عن خوارزميات التوصيات المعقدة والمحتوى العشوائي المقترح.

ما الذي يقدمه التحديث الجديد؟

التحديث التجريبي، الذي انطلق حاليًا في الولايات المتحدة وكندا، يقدم واجهة مخصصة لمتابعة منشورات الأصدقاء فقط، دون تدخل خوارزمية “فيسبوك” في عرض محتوى مقترح أو منشورات من مصادر غير معروفة.

ويأتي هذا “الموجز الجديد” كخيار منفصل إلى جانب موجز الأخبار التقليدي، إذ يمكن للمستخدم التبديل بينهما بسهولة عبر زر “الأصدقاء”. ويهدف هذا التحديث إلى إعادة التجربة الأصلية للمستخدم، حيث يطلع على ما يشاركه أصدقاؤه فقط، دون تشتيت أو محتوى غير مرغوب فيه.

تحوّل في نهج “ميتا”

هذه الخطوة تُعد خروجًا واضحًا عن سياسة “ميتا” خلال الأعوام الأخيرة، والتي ركّزت على تطوير خوارزميات أكثر ذكاءً للتوصية بالمحتوى وجذب المستخدمين إلى التفاعل المستمر. لكن، رغم الابتعاد عن هذا النهج مؤقتًا، إلا أن توجه “فيسبوك” ليس جديدًا كليًا، إذ أن منصات مثل “إكس” (تويتر سابقًا)، “تيك توك”، و”بلو سكاي” تقدم بالفعل موجزين منفصلين: أحدهما يعتمد على التوصيات، والآخر يركز على الحسابات التي يتابعها المستخدم.

في “تيك توك” مثلًا، يتم عرض محتوى “For You” عبر خوارزمية المنصة، في حين يعرض قسم “Following” منشورات الحسابات المتابعة فقط. و”بلو سكاي” تذهب أبعد من ذلك، إذ تسمح للمستخدم بإنشاء موجزات مخصصة تمامًا بناءً على اهتماماته.

ما الدافع الحقيقي وراء التحديث؟

في الوقت الذي تشهد فيه “فيسبوك” تباطؤًا في نمو المستخدمين مقارنة بمنصات ناشئة مثل “تيك توك”، يبدو أن زوكربيرغ يسعى لإعادة التوازن إلى المنصة من خلال تحسين التجربة الأساسية، وتحقيق هدف “تقوية العلاقات الاجتماعية”، بحسب ما ذكرته “ميتا” في تدوينتها الرسمية.

لكن خلف هذا التوجه الظاهري، ربما تختبئ دوافع أخرى، مثل محاولة استعادة اهتمام الأجيال الشابة (زد وألفا)، أو تحسين معدل التفاعل الذي تراجع خلال الأعوام الماضية، إضافة إلى سعي “ميتا” لتخفيف الاعتماد الكامل على المحتوى الممول والخوارزميات التي قد تُضعف الثقة بالمحتوى.

ماذا عن الإعلانات؟

رغم أن الموجز الجديد يركّز على منشورات الأصدقاء فقط، فإن “فيسبوك” لم توضح بعد كيف ستتعامل مع الإعلانات ضمن هذا القسم. غير أن التوقعات تشير إلى احتمال إدراج الإعلانات وسط هذا الموجز بشكل شبيه بما تفعله المنصة مع موجز الأخبار التقليدي، خاصة أن الإعلانات تُمثّل مصدر الدخل الأبرز للمنصة.

وقد سبق أن مكّنت الخوارزمية “فيسبوك” من عرض الإعلانات بطريقة مدمجة وفعّالة داخل تجربة المستخدم، ومن غير المرجّح أن تتخلى المنصة عن هذه الآلية حتى في النسخة “الأصلية” الجديدة.

هل تنجح العودة إلى الجذور؟

رغم الطابع التجريبي للتحديث الجديد، تشير المؤشرات إلى أنه جاء استجابة لشكاوى متكررة من المستخدمين الذين ملّوا من المحتوى العشوائي والمقترحات غير المرغوبة التي اجتاحت موجز الأخبار. ولكن، يبقى نجاح هذا التحديث مرهونًا بتفاعل المستخدمين معه في المناطق التجريبية، وقدرته على تحسين تجربتهم بشكل ملموس.

في النهاية، قد يكون “OG Facebook” محاولة ذكية من “ميتا” لإعادة تعريف العلاقة بين المستخدم والمنصة، ولكن ما إذا كانت هذه الخطوة كافية لاستعادة الثقة والمكانة التي فقدها “فيسبوك” في زحام المنافسة، فذلك ما ستكشفه الأشهر القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى