تقنية

انتشار واسع لصور بأسلوب “غيبلي” تولدها أدوات الذكاء الاصطناعي يثير جدلاً فنياً وأخلاقياً

بعد أيام قليلة من إطلاق شركة “أوبن إيه آي” أحدث مولد صور باستخدام الذكاء الاصطناعي، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي صور مذهلة تُحاكي أعمال أستوديو “غيبلي” الشهير، حيث بادر المستخدمون إلى تحويل صورهم الشخصية وصور المشاهير إلى رسومات بأسلوب غيبلي الساحر، وبتفاصيل دقيقة تحاكي بدقة أعمال المخرج الياباني هاياو ميازاكي، وذلك حسب ما نقلته شبكة “سي إن إن”.

كيف تعمل الميزة؟

كل ما يحتاجه المستخدم هو رفع صورة عبر منصة “شات جي بي تي” وإدخال الأمر:
“أعد تصميم هذه الصورة بأسلوب أستوديو غيبلي مع الحفاظ على جميع التفاصيل”
(Restyle image in Studio Ghibli style, keep all details)

يقوم النظام بعدها بتحليل خصائص أعمال غيبلي وتحويل الصورة المرفوعة إلى نسخة مرسومة بنفس الطابع الفني للأستوديو.

جدل أخلاقي حول حقوق الفنانين

ورغم الانبهار الواسع بالنتائج التي تقدمها الأداة، إلا أنها فتحت الباب أمام مخاوف تتعلق بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق باستخدام أساليب فنية محمية بحقوق الطبع والنشر دون تصريح. وأثارت هذه الممارسات تساؤلات حول مصير الفنانين في ظل توسع استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الإبداعية.

موقف ميازاكي من الذكاء الاصطناعي

المخرج الأسطوري هاياو ميازاكي (84 عاماً)، والمعروف بأسلوبه اليدوي العريق في إنتاج الرسوم المتحركة، سبق أن عبّر عن رفضه الشديد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفنون، واصفاً إياه بأنه “إهانة للحياة”. في مقطع مصوّر يعود إلى عام 2016، انتقد ميازاكي تجربة عرضت عليه لنموذج ذكاء اصطناعي قائلاً:
“لدي صديق لا يستطيع حتى مصافحتي بسبب إعاقة شديدة، وعندما أفكر به لا أستطيع تقبّل هذا النوع من التجارب أو وصفها بالمثيرة للاهتمام. من يصنع مثل هذه الأشياء لا يدرك معنى الألم”.

الشرارة الأولى… من قطة!

القصة بدأت عندما قام شخص يُدعى جانو لينجيسواران بتجربة الميزة الجديدة عبر تحويل صورة قطته إلى أسلوب غيبلي، وكانت النتيجة ساحرة لدرجة أنها لاقت رواجاً واسعاً بين المستخدمين، ما دفع الكثيرين لتجربة الميزة بأنفسهم.

هذا التفاعل جذب انتباه الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، سام ألتمان، الذي بدوره شارك الحدث بتغيير صورته الشخصية إلى نسخة مرسومة بأسلوب غيبلي. لاحقًا، كتب عبر حسابه:
“من الرائع أن يرى الناس الجمال في توليد الصور عبر شات جي بي تي، لكن ذلك أنهك معالجات الرسوميات لدينا، لذا سنفرض مؤقتًا قيودًا على عدد الصور المولدة: 3 صور يومياً للمستخدمين المجانيين، حتى نُحسّن الأداء”.

“أوبن إيه آي”: نحاكي الأسلوب بحذر

وفي ورقة فنية أصدرتها “أوبن إيه آي”، أكدت الشركة أنها تتعامل بحذر مع محاولة محاكاة الأنماط الجمالية الخاصة بالفنانين، مشيرة إلى وجود خاصية تعمل على الحد من محاكاة أساليب فنانين أحياء. لكنها أوضحت في الوقت ذاته أنها لا تزال تسمح للأداة بتقليد أنماط فنية معينة.

قانونياً… هل يحق لهم؟

المحامي جوش ويغنسبيرغ، من شركة “برايور كاشمان”، أوضح أن هناك علامات استفهام حول ما إذا كانت النماذج قد دُربت باستخدام أعمال غيبلي أو ميازاكي دون ترخيص. وأضاف:
“من حيث القانون، لا يمكن حماية الأسلوب الفني بحد ذاته بموجب حقوق الطبع والنشر، لكن بعض العناصر المميزة في الأعمال قد تُعد محمية، مثل تكوين المشاهد، الألوان، أو الشخصيات المميزة”.

وضرب مثالًا بفيلمي Howl’s Moving Castle وSpirited Away، قائلاً إن مقارنة لقطات ثابتة منهما مع الصور المنتجة بالذكاء الاصطناعي قد تكشف عن تشابه كبير لا يمكن تجاهله.

فنانة تهاجم: “هذا استغلال فج”

الفنانة كارلا أورتيز، المعروفة بدفاعها عن حقوق الفنانين، وصفت استخدام نمط غيبلي في الصور الترويجية بأنه “استغلال واضح لاسم وسمعة غيبلي”، معتبرة ما يجري إهانة للفن. وأكدت أنها نشأت على مشاهدة أفلام ميازاكي، ورفعت في وقت سابق دعوى قضائية ضد شركات توليد الصور بالذكاء الاصطناعي بتهمة انتهاك حقوق الطبع والنشر.

غضب أورتيز تضاعف بعد أن نشرت إدارة ترامب صورة بأسلوب غيبلي لامرأة من جمهورية الدومينيكان اعتُقلت من قبل سلطات الهجرة، واصفة ذلك بأنه “تشويه لعمل فني رائع من أجل أغراض سياسية فاسدة”، وطالبت أستوديو غيبلي باتخاذ إجراءات قانونية ضد “أوبن إيه آي”.

زر الذهاب إلى الأعلى