الثورة الصناعية الرابعة في العالم العربي: فرص وتحديات
غيرت الثورة الصناعية الرابعة الطريقة التي يعمل بها العالم، وقد أوجدت في الوقت ذاته تحديات وفرصًا متعددة للدول العربية. من المدن الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى الروبوتات المتقدمة، تواصل بلدان المنطقة تبني التقنيات الحديثة التي تهدف إلى تنويع اقتصاداتها، وتحسين الخدمات العامة، وأتمتة الصناعات المختلفة.
تتصدر بعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية وقطر والإمارات، هذه الموجة التكنولوجية في المنطقة. تستثمر هذه الدول بشكل كبير في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والروبوتات، مما يعزز النمو الاقتصادي ويقلل الاعتماد على النفط. كما تشير المبادرات المتعلقة بالمدن الذكية، والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وبرامج أبحاث الذكاء الاصطناعي إلى أن المنطقة تعمل على تحوّل جذري في اقتصادها ومجتمعها.
نمو سريع في الإنفاق التكنولوجي
يشهد الإنفاق التكنولوجي في منطقة الشرق الأوسط نمواً سريعاً، مدفوعًا بالمبادرات الحكومية والاستثمارات الخاصة، والدفع نحو التحول الرقمي عبر قطاعات متعددة. تركز الدول العربية بشكل أساسي على تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والحوسبة السحابية، ومبادرات المدن الذكية.
من المتوقع أن يرتفع الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في المنطقة بنسبة 4% في عام 2024 مقارنة بالعام 2023، ليصل إلى 183.8 مليار دولار، وفقًا لأحدث توقعات شركة “جارتنر”. بالمقارنة، يتوقع أن يبلغ الإنفاق العالمي على تكنولوجيا المعلومات 5.1 تريليونات دولار في نفس العام.
تتوقع شركة “آي دي سي” أن يتجاوز الإنفاق على الذكاء الاصطناعي وحده في المنطقة 3 مليارات دولار في 2024، بزيادة قدرها 32% عن عام 2023، مما يعكس زيادة واضحة في الاهتمام بالذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل خاص.
أبرز الدول العربية في استثمار التكنولوجيا
- السعودية: تستثمر المملكة العربية السعودية حوالي 100 مليار دولار في التكنولوجيا المتقدمة بحلول عام 2030. تشمل الاستثمارات مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والروبوتات، والمدن الذكية. تهدف السعودية إلى تقليل اعتمادها على النفط وتعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يعزز من قدرتها على المنافسة في منطقة الخليج وجذب الاستثمارات الدولية.
- قطر: تواصل قطر تعزيز مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث من المتوقع أن يصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي في قطر إلى 428.40 مليون دولار في 2024، على أن ينمو إلى 1.9 مليار دولار بحلول 2030. كما خصصت الحكومة 2.5 مليار دولار لدعم برامج الذكاء الاصطناعي، مما يعزز سعي قطر لتحويل اقتصادها إلى اقتصاد ذكي.
- الإمارات: تستثمر الإمارات 3 مليارات دولار سنويًا في الابتكار، مع توقعات أن يسهم الذكاء الاصطناعي بـ 98 مليار دولار في اقتصادها بحلول 2030. تستهدف الحكومة الإماراتية دمج الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات الحكومية، كما تشهد الإمارات تطورًا كبيرًا في مراكز البيانات والروبوتات، مما يساهم في تعزيز القدرة التنافسية للبلاد.
- الكويت: تشير رؤية الكويت 2035 إلى تحول الدولة إلى مركز مالي إقليمي، مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. من المتوقع أن يصل سوق تكنولوجيا المعلومات في الكويت إلى 39.8 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة، مما يعكس التوجه نحو الرقمنة.
- مصر: تطمح مصر إلى رفع صادراتها الرقمية إلى 9 مليارات دولار بحلول 2026. تشمل استراتيجيتها 2024-2030 زيادة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتحقيق تنمية في قطاعات مثل البرمجيات والإلكترونيات.
- المغرب: من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي في المغرب إلى أكثر من مليار دولار بحلول 2030. تستثمر الحكومة المغربية في برامج البحث والتعليم لتعزيز المهارات في هذا المجال، مما يسهم في تطوير القطاعات المختلفة في البلاد.
تستمر هذه الاستثمارات في فتح آفاق جديدة للنمو والابتكار في العالم العربي، وتعتبر هذه الفترة من التحولات التكنولوجية فرصة لتحسين الاقتصادات، مع مواجهة التحديات المتعلقة بالإدارة الفعّالة للموارد وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل.