ثقافة

إسكات التاريخ: تغييب القضية الفلسطينية في مناهج التعليم المصرية

صدر حديثًا عن “جسور للترجمة والنشر” في فبراير/شباط الجاري كتاب “إسكات التاريخ: القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية”، تأليف الدكتور عبد الفتاح ماضي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية.

يستعرض الكتاب حضور القضية الفلسطينية في المناهج الدراسية المصرية على مدار ما يقارب قرنًا من الزمن، بدءًا من أربعينيات القرن العشرين وصولًا إلى العام الدراسي 2023/2024، متتبعًا التغيرات التي طرأت على هذا الحضور في سياقات سياسية وتاريخية مختلفة. كما يناقش العلاقة بين هذه التحولات والتطورات الكبرى في مصر، مثل إسقاط الملكية وإعلان الجمهورية عام 1952، واتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني عام 1979، وإنشاء مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية عام 1988.

منهجية البحث ومحتوى الكتاب

اعتمد المؤلف على تحليل أكثر من 70 كتابًا مدرسيًا، بالإضافة إلى مصادر ووثائق تاريخية ومراجع ذات صلة، إلى جانب مقابلات مع خبراء وأساتذة جامعيين ومسؤولين عن إعداد المناهج، ما جعل الدراسة تتسم بالدقة والعمق.

يقع الكتاب في 217 صفحة، ويضم أربعة فصول، تناولت الجوانب المختلفة لحضور القضية الفلسطينية في المناهج المصرية، وجاءت كما يلي:

🔹 الفصل الأول: السياقات التاريخية والسياسية لكتب التاريخ
يرصد هذا الفصل تطور تناول القضية الفلسطينية عبر ثلاث حقب زمنية:

  • ما قبل عام 1952
  • من 1952 حتى منتصف السبعينيات
  • من أواخر السبعينيات حتى 2024

🔹 الفصل الثاني: الحضور الفلسطيني في كتب التاريخ
يقسم المؤلف هذا الحضور إلى مرحلتين رئيسيتين:

  • مرحلة البداية والتوسع، حيث كان للقضية الفلسطينية حضور واضح ومؤثر.
  • مرحلة الانحسار، التي شهدت تراجعًا تدريجيًا في تناول القضية الفلسطينية من حيث الكم والمحتوى.

🔹 الفصل الثالث: طبيعة القضية والمصطلحات المستخدمة في كتب التاريخ
يحلل هذا الفصل تطور المصطلحات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، حيث مرت بثلاث مراحل:

  1. اعتبارها قضية تحرر وطني
  2. الانكفاء نحو القومية المصرية وتقليص البعد العربي والإسلامي للقضية
  3. التركيز على مفهوم السلام كحل نهائي للصراع

كما يلفت المؤلف الانتباه إلى التحولات اللغوية في الكتب المدرسية بعد اتفاقية كامب ديفيد 1978، حيث تم استبدال مصطلحات مثل “الاستعمار الصهيوني” و”الإرهاب الصهيوني” بمصطلحات أكثر اعتدالًا مثل “العناصر العسكرية اليهودية”.

🔹 الفصل الرابع: نتائج وملاحظات نهائية
يطرح المؤلف في هذا الفصل إجابات عن أسئلة جوهرية، مثل:

  • من يحدد محتوى كتب التاريخ المدرسية؟
  • ما مدى حضور القضية الفلسطينية في المناهج؟
  • كيف تؤثر السياسة على صياغة كتب التاريخ؟
  • ما تداعيات تغييب القضية الفلسطينية عن الأجيال القادمة؟

الكتاب وأهمية البحث في الذاكرة التاريخية

يشدد المؤلف على أن التلاعب بالمناهج الدراسية هو أحد أساليب تغييب الوعي وطمس الحقائق التاريخية، وهو ما تعرضت له القضية الفلسطينية بشكل خاص، في مقابل ترسيخ الرواية الإسرائيلية. كما يفند في كتابه إحدى الخرافات الشائعة التي يروجها الاحتلال، وهي أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود طواعية، حيث يوضح أن نسبة الأراضي التي تم بيعها قبل انتفاضة 1936 لم تتجاوز 5%، فيما تمت السيطرة على بقية الأراضي بالقوة والمجازر والترويع.

يعد هذا الكتاب مرجعًا مهمًا للباحثين في مجال التربية، والتاريخ، والسياسة، ولكل من يسعى إلى فهم تطور صورة القضية الفلسطينية في وعي الأجيال المتعاقبة، في ظل محاولات طمسها أو تحريفها في المناهج التعليمية.

زر الذهاب إلى الأعلى