أمراض الثراء.. عندما يصبح التقدم نقمة صحية!

هل تساءلت يومًا إن كانت هناك أمراض أكثر شيوعًا بين الأغنياء؟ الإجابة نعم، بل إن هناك مصطلحًا طبيًا يُطلق على هذا النوع من الأمراض: “أمراض الرفاهية” أو ما يُعرف شعبيًا بـ**”أمراض الثراء”**.
هذه الأمراض ليست عدوى تنتشر في الأحياء الفاخرة، بل هي مجموعة من الأمراض المزمنة التنكسية التي ارتبط ظهورها بارتفاع مستويات المعيشة والدخل، خصوصًا في الدول الصناعية والمتقدمة. ورغم تحسن مؤشرات الصحة العامة وزيادة متوسط العمر، إلا أن هذه التحولات رافقها نمط حياة ساهم في تفشي هذه الأمراض.
عندما تصبح الحياة المريحة خطرة
في المجتمعات الثرية، أصبح من النادر وفاة الأطفال دون سن الأربعين أو وفاة النساء أثناء الولادة، لكن بالمقابل، ارتفعت معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأنواع متعددة من السرطان، ومرض السكري من النوع الثاني.
ويُعزى ذلك إلى عوامل سلوكية مثل:
- الإفراط في استهلاك الدهون المشبعة والسكر والكوليسترول.
- قلة النشاط البدني.
- الاعتماد المتزايد على الأغذية المصنعة والسعرات الحرارية الفارغة.
الأغنياء ليسوا وحدهم المتضررين
رغم أن هذه الأمراض ظهرت أولًا بين الأثرياء، إلا أنها لم تبقَ حكرًا عليهم. فمع الانتشار الواسع لأنماط الحياة الاستهلاكية، أصبحت الفئات الفقيرة في الدول المتقدمة والنامية تعاني منها بشدة.
ويرجع ذلك إلى:
- انخفاض تكلفة الأطعمة السريعة والمصنعة.
- صعوبة الحصول على أغذية صحية في ما يُعرف بـ”الصحاري الغذائية”.
- نقص التوعية الصحية والرعاية الطبية في المناطق الفقيرة.
والنتيجة؟ انتشار السمنة، وارتفاع نسب الإصابة بأمراض القلب والسكري وحتى النقرس – الذي كان يُلقب قديمًا بـ”داء الملوك” – بين الطبقات الفقيرة والغنية على حد سواء.
هل يمكن الحد من أمراض الرفاهية؟
نعم، وهناك تجارب ناجحة تؤكد ذلك. فقد سجلت الولايات المتحدة وأستراليا وكندا تراجعًا ملحوظًا في وفيات أمراض القلب والسكتات الدماغية خلال العقود الماضية، بفضل حملات التوعية، وتشجيع الأنظمة الغذائية المتوازنة، ومكافحة التدخين، وممارسة النشاط البدني.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر اليوم في الدول النامية التي تشهد نموًا اقتصاديًا سريعًا، إذ بدأت تمر بنفس المرحلة الانتقالية التي مرّت بها الدول المتقدمة، دون أن تكون مستعدة لها على الصعيد الصحي والتوعوي.
خلاصة القول
التقدم المادي ليس ضمانًا لصحة أفضل، بل قد يكون السبب في أمراض خطيرة إذا لم يُرافقه وعي صحي وغذائي كافٍ. ومهما كان دخلك، يبقى النمط الغذائي المتوازن وممارسة الرياضة وتجنب التدخين من أهم وسائل الوقاية من أمراض الرفاهية.