قرار حاكم تكساس بتصنيف الإخوان و”كير” كمنظمات إرهابية يثير جدلاً قانونياً وسياسياً واسعاً

أصدر حاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت، أمس الثلاثاء، قراراً مثيراً للجدل صنّف بموجبه جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية “كير” (CAIR) كـ”جماعات إرهابية أجنبية” و”منظمات إجرامية عابرة للحدود”، في خطوة أثارت انتقادات حقوقية وقانونية واسعة.
ويقضي القرار بحظر شراء أو بيع الأراضي من قبل الجهتين داخل الولاية، كما يمنح مكتب المدعي العام في تكساس صلاحية رفع دعاوى قضائية لإغلاقهما وفرض غرامات على أي جهة تتعامل معهما.
وأشار القرار، الصادر عن الحاكم الجمهوري المقرب من الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى ما وصفه بدعم الإخوان المسلمين لجماعات مصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، وفي مقدمتها حركة حماس.
اتهامات متبادلة بين أبوت و”كير”
استند أبوت في قراره إلى أن عدداً من الدول العربية والإسلامية صنّفت جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، مضيفاً أن منظمة “كير” تعمل ــ حسب تعبيره ــ كواجهة فعّالة لحماس في الولايات المتحدة.
واتهم الحاكم المنظمة بالسعي إلى “نشر الشريعة الإسلامية” داخل الولايات المتحدة عبر اختراق المناصب العامة، إضافة إلى ترويج الإرهاب وتمويله.
من جهتها، ردت “كير” ببيان نشرته على منصة “إكس”، اعتبرت فيه أن أبوت “ينفذ أجندة إسرائيل والمانحين من منظمة أيباك”، مؤكدة أن منظمتها تدافع عن الحقوق المدنية وتعارض جميع أشكال العنف، وتتمتع باستقلال تام عن أي جهة خارجية.
وأضافت أن الحاكم سبق أن خسر ثلاث قضايا فيدرالية حاول فيها، حسب قولها، التضييق على حرية التعبير لحماية الحكومة الإسرائيلية من الانتقادات، مؤكدة استعدادها لمواجهة قراره الجديد قضائياً.
صلاحيات قانونية محل جدل
أوضح خبراء قانونيون أن القانون الأميركي يمنح وزير الخارجية حصراً صلاحية تصنيف المنظمات كجماعات إرهابية أجنبية، بعد التشاور مع المدعي العام ووزير الخزانة، وإبلاغ الكونغرس، ثم نشر القرار في السجل الفدرالي.
وبالتالي، لا يترتب على قرار أبوت أي تبعات فدرالية من قبيل تجميد الأصول أو الملاحقات الجنائية وفق قوانين الدعم المادي للإرهاب، بل يقتصر تأثيره على ولاية تكساس فقط، مع استمرار التساؤلات حول كيفية تحديد الانتماء إلى الإخوان أو “كير” وآليات تنفيذ القرار داخل الولاية.
وتشير التقديرات إلى وجود نحو 400 ألف مسلم في تكساس، من بين سكانها البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة.
سياق أمني وسياسي
جاء القرار في ظل تصاعد الدعوات من أنصار إسرائيل لإعادة طرح مبادرة تصنيف الإخوان المسلمين على المستوى الفدرالي، بعد الهجمات التي استهدفت مواقع يهودية، بينها المتحف اليهودي في واشنطن وحوادث أخرى في كولورادو.
وقد أعاد السيناتور الجمهوري عن تكساس، تيد كروز، تقديم مشروع قانون لتصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي، لكنه لم يحظ بدعم واسع في الكونغرس، تماماً كما فشلت عدة مبادرات مشابهة في السنوات الماضية.
وأشاد النائب الجمهوري تشيب روي بالقرار، متعهداً بتطبيقه إذا تولى منصب المدعي العام للولاية، وداعياً إلى توسيعه ليشمل الحظر على المستوى الفدرالي.
عقبات أمام أي تصنيف فدرالي للإخوان
يظل إدراج الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية على المستوى الأميركي العام خطوة معقدة قانونياً، إذ تتطلب تقديم أدلة دامغة تثبت تورط الجماعة في أعمال تهدد الأمن القومي الأميركي.
وأوضح وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في أغسطس/آب الماضي، أن الجماعة “تمثل مصدر قلق خطير”، لكن استيفاء المتطلبات القانونية الصارمة للتصنيف يعد عائقاً كبيراً، وهو ما جعل الإدارات الأميركية المتعاقبة تفضل استخدام القوانين القائمة لملاحقة أي أنشطة مرتبطة بالإرهاب.
ولو حدث التصنيف الفدرالي، فسيؤدي إلى مجموعة واسعة من العقوبات تشمل:
- حظر السفر
- تجميد الأصول
- منع الأميركيين من تمويل الجماعة
- حظر التعاملات البنكية
- منع المنتمين للجماعة من دخول الولايات المتحدة
كما يتيح القانون للمنظمات المصنفة تقديم طعون أمام المحاكم الفدرالية في واشنطن.
تحديات قانونية تنتظر قرار تكساس
يفتح قرار حاكم تكساس الباب أمام مواجهة قضائية واسعة، في ظل غياب صلاحيات الولاية للتصنيف الإرهابي الرسمي، واحتمال الطعن في القرار على أساس التعارض مع قانون الهجرة والجنسية الفدرالي، ومع الحقوق الدستورية المتعلقة بحرية التعبير والتنظيم.
ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات القانونية والسياسية خلال الفترة المقبلة، مع إصرار “كير” على اللجوء للقضاء واستعداد الجهات المناهضة للمنظمة لتعزيز مطالبها على مستوى الولايات والكونغرس.







