أزمة برشلونة التكتيكية.. فليك متمسّك بفلسفته رغم التحذيرات وتراجع الأداء

خرج هانزي فليك من ملعب كلوب بروج بنقطة يتيمة، وكان قاب قوسين أو أدنى من خسارةٍ جديدة لولا تدخل تقنية الفيديو المساعد (VAR)، في مباراة كشفت استمرار معاناة برشلونة تحت قيادته على كافة المستويات. ورغم السقوط مرتين في الدوري الإسباني وهزيمة في دوري أبطال أوروبا، وتعادلين محلياً وقارياً، لا يزال المدرب الألماني يصرّ على موقفه قائلاً: “فلسفتي في كرة القدم ثابتة ولا أنوي تغييرها”.
لكن سؤالاً جوهرياً يفرض نفسه: هل ما زال نهج فليك صالحًا لواقع برشلونة الحالي؟ الإجابة جاءت من داخل غرفة الملابس عبر تصريحات كل من فيران توريس وفرانكي دي يونغ.
توريس أكد أن المنافسين باتوا يدرسون أسلوب اللعب المعتمد منذ الموسم الماضي، ما يجعل مهمة الفريق أكثر تعقيداً، في حين شدد دي يونغ على ضرورة ترك الماضي وراءهم والعمل على تحسين الأداء، في إشارة واضحة إلى أن الاستمرار بنفس الأسلوب لم يعد خيارًا مجديًا.
تراجع برشلونة.. أسباب مركّبة وتداعيات واضحة
شهد الفريق الكتالوني انهيارًا واضحًا في الصلابة الدفاعية التي ميّزته في الموسم الماضي. غياب الاعتماد السابق على تألق الحارس خوان غارسيا تزامن مع تراجع مستوى تشيزني الذي استقبل مرماه ثلاثة أضعاف عدد الأهداف التي تلقاها الفريق بوجود غارسيا. أما قائمة الغيابات التي تضم غارسيا، ليفاندوفسكي، رافينيا وبيدري، إلى جانب رحيل إنيغو مارتينيز، فقد شكلت ضربة قاسية للتوازن الفني للفريق.
يمكن تلخيص أبرز أسباب التراجع في ثلاثة محاور رئيسية:
- غياب الحارس الأساسي غارسيا وما يقدمه من أمان وتغطية دفاعية وبدء للهجمة.
- إصرار فليك على منهجه التكتيكي الحالي رغم فقدان العناصر القادرة على تطبيقه بفاعلية.
- رحيل إنيغو مارتينيز الذي كان أحد ركائز التنظيم الدفاعي وقائدًا في خط الخلف.
المراقبون يجمعون على أن الخلل ليس فقط في غياب اللاعبين، بل في عدم تكيف فليك مع الواقع الجديد، إذ بات واضحًا أن النظام لم يعد يعمل بنفس الفعالية، بينما تحتاج المرحلة لمرونة أكبر من المدرب.
فقدان الثقة وهشاشة الدفاع
مشاكل برشلونة لم تعد تكتيكية فحسب، بل نفسية أيضًا. فقد بدا واضحًا أن اللاعبين فقدوا الثقة في النظام الدفاعي، وهو عامل خطير ظهر جليًا في مواجهة كلوب بروج الذي سجل خمسة أهداف أُلغي منها اثنان. ضعف الانسجام بين قلبي الدفاع أدى لأخطاء كارثية ومتكررة في التمركز والتغطية، إضافة إلى أن تشيزني لم يُظهر قدرة مقنعة في المواجهات الفردية أو في لعب دور الحارس المتقدم، وهو عنصر أساسي في منظومة فليك.
تأثير الإصابات.. ورهان على عودة الأسماء الكبرى
في ظل غياب بيدري الذي يمثل العقل المحرك للفريق، ورافينيا صاحب الدور الحيوي في الضغط والتحولات، وليفاندوفسكي كمهاجم محوري، فضلًا عن غارسيا، تبدو هوية الفريق ناقصة. ومع ذلك، يعتقد مقربون من الإدارة أن عودة هذه الأسماء ستساهم في إعادة التوازن، ولو جزئيًا.
رأي الخبراء: رحيل مارتينيز قلب المعادلة
أشار النجم الفرنسي تييري هنري إلى أن خط التسلل الحاسم الذي اعتمد عليه فليك الموسم الماضي انهار برحيل مارتينيز إلى النصر السعودي، مؤكدًا أن الفريق لم يتمكن من سد الفجوة الناتجة عنه. وأضاف: “الأهداف التي يتلقاها برشلونة مبالغ فيها وبطريقة سهلة جدًا. إذا لم يعالجوا هذا الخلل بشكل عاجل، من الصعب الحديث عن طموحات أوروبية”.
خلاصة المشهد
برشلونة اليوم يقف أمام مفترق طرق حاسم. ففلسفة فليك، التي صنعت فريقًا تنافسيًا الموسم الماضي، تواجه اختبارًا قاسيًا في ظل معطيات مختلفة تمامًا. وبين إصرار المدرب وتحذيرات اللاعبين والمحللين، تبدو المرونة والتكيف أمرًا لا مفر منه إذا أراد الفريق العودة إلى المسار الصحيح والمنافسة على الألقاب القارية والمحلية.
الأسابيع المقبلة ستكشف ما إذا كان فليك سيعيد النظر في نهجه، أم أن إصراره سيقود برشلونة إلى مزيد من التعثرات التي قد تكلّفه الكثير في موسم مليء بالتحديات.







