الصحة

دراسة جديدة تكشف دور البيئة الخلوية في إضعاف الخلايا التائية ومكافحة السرطان

توصلت دراسة حديثة إلى أن البيئة المحيطة بالأورام السرطانية تلعب دوراً حاسماً في تعطيل جهاز المناعة، حيث تؤدي إلى إضعاف الخلايا التائية المسؤولة عن مهاجمة الخلايا السرطانية. ويرجع ذلك إلى انخفاض مستوى الأكسجين وارتفاع الحموضة وضغوط أخرى تؤثر على الميتوكوندريا، وهي مصانع الطاقة داخل الخلية.

ويترتب على هذا الخلل إنتاج جزيئات ضارة تعرف بجزيئات الأكسجين التفاعلية، التي تنتقل إلى نواة الخلية وتتسبب في تلف التيلوميرات، وهي نهايات الكروموسومات التي تحمي المادة الوراثية وتحافظ على استقرار الخلية. وعندما تتضرر التيلوميرات، تفقد الخلايا التائية قدرتها على الانقسام والعمل بشكل طبيعي، مما يقلل من فعاليتها في محاربة السرطان.

وأجريت الدراسة من قبل فريق بحثي في جامعة بيتسبرغ الأميركية، ونشرت في مجلة Immunity في 9 سبتمبر/أيلول، وغطاها موقع يوريك أليرت. وذكرت الباحثة المشاركة دايانا ريفادينيرا، الأستاذة المساعدة في قسم علم المناعة وعضو مركز هيلمان للسرطان بالجامعة، أن: “الأمر المثير هو أنه عند منع تلف التيلوميرات باستخدام مضاد أكسدة موجّه، استعدت الخلايا التائية وظيفتها بالكامل، مما يفتح الباب أمام ابتكار علاجات جديدة لتعزيز فعالية العلاجات المناعية للسرطان”.

ولتأكيد العلاقة بين الميتوكوندريا والتيلوميرات، استخدم الباحثون فئراناً معدلة وراثياً بحيث يمكن إحداث ضرر تأكسدي محدد إما للتيلوميرات أو للميتوكوندريا عند تعريضها لضوء أحمر خاص، وكانت النتيجة واحدة في الحالتين: ضعف الخلايا التائية وفقدان قدرتها على العمل بفعالية، ما يشير إلى وجود تواصل مباشر بين أجزاء الخلية المختلفة.

أمل جديد في العلاج المناعي

وأوضحت دايانا أن “الحوار بين مكونات الخلية ذو اتجاهين؛ فالتلف في الميتوكوندريا يؤثر أولاً على التيلوميرات، والعكس صحيح، حيث أن تلف التيلوميرات يرسل إشارات للميتوكوندريا لتفعيل برنامج يؤدي إلى انهيار الخلية”.

ونظراً لأن جزيئات الأكسجين التفاعلية كانت السبب في تلف التيلوميرات، افترض الفريق أن مضادات الأكسدة القادرة على تحييد هذه الجزيئات يمكن أن تحمي أو تعيد وظيفة الخلايا التائية. وبناء على ذلك، عدّل الباحثون خلايا تائية من الفئران بحيث يرتبط مضاد الأكسدة مباشرة بالتيلوميرات.

وعند حقن هذه الخلايا المعدلة في فئران مصابة بنوع عدواني من الورم الميلانيني، لاحظ الفريق تحسناً واضحاً في معدلات البقاء، وصغر حجم الأورام مقارنة بالفئران التي تلقت خلايا تائية غير معدلة.

ويأمل العلماء أن يسهم هذا النهج في تعزيز فعالية العلاجات المناعية للسرطان، بما في ذلك علاج الخلايا التائية المعدلة “CAR T”، الذي يقوم على تعديل خلايا المريض المناعية في المختبر قبل إعادة إدخالها للجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية.

ويعمل الفريق حالياً على تطوير نسخة موجهة للبشر من هذا المضاد للأكسدة تمهيداً لاختبارها في التجارب السريرية مستقبلاً، كما يخططون لدراسة تأثير العلاجات التقليدية مثل العلاج الكيميائي على وظيفة الخلايا التائية من خلال تلف التيلوميرات، وما إذا كان ذلك يؤثر على استجابة المرضى للعلاج المناعي.

زر الذهاب إلى الأعلى