اقتصاد

الحرب تترك الزراعة السودانية في أزمة عميقة ووزارة الزراعة تكشف خطط التعافي

عصفت الحرب السودانية المشتعلة منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 بكل القطاعات والبنية التحتية، وكان القطاع الزراعي الأكثر تضرراً، وفق ما صرح به وزير الزراعة السوداني البروفيسور عصمت قرشي عبد الله.

وأكد الوزير في حوار مع الجزيرة نت، على هامش زيارته للدوحة للمشاركة في منتدى الأمن الغذائي في السودان، أن القطاع الزراعي يواجه تحديات كبيرة، منها التضخم وارتفاع الأسعار وهجرة ونزوح المزارعين، إضافة إلى تدمير المعدات ونهب بنوك التقاوي ومراكز البحوث.

الدمار في مشاريع الري والزراعة
أوضح الوزير أن مشاريع الزراعة الكبرى مثل الجزيرة، الرهد، المناقل، والفاو عانت من دمار ممنهج، حيث تم رصد 1470 كسراً في قنوات الري في مشروع الجزيرة فقط، يستغرق إصلاح كل كسر نحو 36 يوماً. كما تعرضت الطلمبات للقصف وتم تفريغ زيوتها وسرقة المعدات، بالإضافة إلى حرق مخزن الخرط التاريخي في مشروع الجزيرة الذي يعود لعام 1925. وامتد الضرر إلى مخازن التقاوي والمدخلات الزراعية والآليات، بهدف تعطيل القطاع كلياً.

رغم ذلك، أبدى المزارعون تفاؤلهم بالقول: “نحن الآن نتعافى”، وهو ما اعتبره الوزير مؤشرًا على أن تعافي مشروع الجزيرة سيمثل خطوة نحو تعافي الزراعة في عموم السودان. وأكد أن الإنتاج في الموسم الصيفي الحالي تجاوز احتياجات البلاد، مع استعدادات موسمية شتوية جارية بدعم كامل من الحكومة.

خسائر القطاع الزراعي
قدرت الخسائر الأولية للقطاع الزراعي بما يزيد على 100 مليار دولار، وتشمل الخسائر المادية والنفسية والاقتصادية، نتيجة نزوح الشباب وتركهم الزراعة للعمل في المدن أو مخيمات اللاجئين، ما أدى إلى تراجع الحياة الريفية وجعل التعافي بطيئاً وهشاً. وأشار الوزير إلى أهمية إعادة بناء الثقة في المجتمعات الممزقة وحماية سبل عيشها واستعادة كرامتها.

خطط الوزارة لإعادة الأمن الغذائي
قدمت وزارة الزراعة خطة إسعافية لمدة 100 يوم لتأهيل 47 مشروعاً بتكلفة 90 مليون دولار، إلى جانب خطة طويلة المدى (2026–2030) لإعادة تأهيل القطاع. وبلغت المساحة المبدئية للأراضي الخارجة عن الإنتاج 21.683 مليون فدان، إضافة إلى 1261 فداناً من الأراضي المروية، مع توقع زيادة هذه الأرقام بسبب فقدان المحاصيل ونوعيتها.

وشملت مشاريع التعافي إصلاح وصيانة قنوات الري، توفير مدخلات الإنتاج، زيادة المساحات المزروعة، وتوفير التقاوي، حيث تم تأمين 50 ألف طن لتغطية محصول القمح، و35 ألف طن لمحاصيل أخرى، بتكلفة إنتاجية تصل إلى 612 ألف جنيه للفدان الواحد. كما تعمل الوزارة على تأمين التمويل الزراعي للموسم الشتوي، بهدف زراعة مليون فدان قمح لتقليل واردات السودان من هذه السلعة الأساسية.

فرص الاستثمار الزراعي
أوضح الوزير أن شمال السودان يمثل فرصة كبيرة للاستثمار الزراعي لعدم وجود مشاكل في الري أو حيازات الأراضي، مع توفير حزم تشجيعية للاستثمار في محاصيل أخرى بمساحة 16 مليون فدان، تشمل إنتاج القمح والصمغ العربي والمحاصيل الاستراتيجية الأخرى.

التعاون الدولي
خلال زيارة الوزير إلى قطر، تم بحث مشاريع استثمارية ضمن منصة مبادرة الأمن الغذائي، بهدف حشد الموارد لبناء شراكات استراتيجية لإعمار القطاع الزراعي وبناء قدرات المنتجين، مع التركيز على استثمارات طويلة الأجل للبنية التحتية الريفية وإعادة التأهيل المستدام.

التقدم في التعافي
تم معالجة 80% من قنوات الري وإعادة تشغيل الإنتاج في الموسم الصيفي، مع خطط لزراعة 22 مليون فدان خلال الموسم الشتوي، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محاصيل المواطن والتصدير، ودعم صغار المزارعين بالتقاوي والأسمدة والمبيدات، وتمويل تجهيز الأرض، ومكافحة الآفات.

التحديات الراهنة
تشمل التحديات التمويل، وتوطين مدخلات الإنتاج، وصناعة التقاوي والأسمدة، ودعم البحوث الزراعية لزيادة الإنتاجية، إضافة إلى التحول الرقمي وتوفير البيانات اللازمة لاتخاذ القرارات الدقيقة، مما يسهم في استدامة جهود التعافي الزراعي في السودان.

زر الذهاب إلى الأعلى