تركيا تتجه لتأمين أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز بحلول 2028 وتقليص اعتمادها على روسيا وإيران

كشف تقرير لوكالة “رويترز” أن تركيا تستعد لتغطية أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي بحلول نهاية عام 2028، من خلال زيادة الإنتاج المحلي وتوسيع وارداتها من الولايات المتحدة، في خطوة من شأنها تقليص اعتمادها على الموردين الروس والإيرانيين، وتهديد آخر الأسواق الأوروبية الكبرى لهذين البلدين.
وأوضح التقرير أن هذا التحول يأتي في ظل ضغوط أميركية متزايدة على أنقرة – العضو في حلف شمال الأطلسي – لخفض علاقاتها في مجال الطاقة مع موسكو وطهران. وخلال لقائه الأخير في البيت الأبيض، حث الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره التركي رجب طيب أردوغان على تقليص مشتريات بلاده من الطاقة الروسية.
ويهدف هذا التوجه، وفق محللين نقلت عنهم الوكالة، إلى تعزيز أمن الطاقة التركي ودعم طموح أنقرة لتصبح مركزاً إقليمياً للغاز، عبر إعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال المستورد وتصدير الإنتاج المحلي إلى أوروبا، بينما يُستهلك الغاز الروسي والإيراني داخل البلاد.
وأشار التقرير إلى أن روسيا لا تزال أكبر مورّد للغاز إلى تركيا، رغم تراجع حصتها من أكثر من 60% قبل عقدين إلى نحو 37% في النصف الأول من عام 2025. وتقترب عقود ضخ الغاز طويلة الأجل مع موسكو وطهران من نهايتها، ما يمنح أنقرة فرصة لإعادة التفاوض بشروط أكثر مرونة وحجوم أصغر.
وتسعى تركيا لتوسيع مصادرها البديلة بسرعة، حيث تعمل مؤسسة البترول التركية على زيادة إنتاجها من حقول الغاز المحلية، بينما عززت الشركات الحكومية والخاصة قدرات استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة والجزائر. ووفق تقديرات “رويترز”، من المتوقع أن يتجاوز الإنتاج المحلي والواردات المتعاقد عليها من الغاز الطبيعي المسال 26 مليار متر مكعب سنوياً بحلول عام 2028، مقارنة بـ15 مليار متر مكعب حالياً، وهو ما يمثل أكثر من نصف الطلب المحلي البالغ نحو 53 مليار متر مكعب.
وفي هذا السياق، وقّعت أنقرة سلسلة من الاتفاقيات مع شركات أميركية لتوريد الغاز الطبيعي المسال بقيمة 43 مليار دولار، منها عقد يمتد لعشرين عاماً مع شركة “ميركوريا”. كما رفعت بورصة الطاقة التركية قدرة استيراد الغاز المسال إلى 58 مليار متر مكعب سنوياً، وهي كمية كافية لتغطية كامل احتياجات البلاد.
ورغم هذا التوسع في البدائل، لا تزال روسيا تواصل ضخ الغاز إلى تركيا بكامل طاقتها، إذ يرى خبراء أن الغاز الروسي يتميز بتنافسية سعرية تسمح لأنقرة باستخدامه كورقة ضغط تفاوضية مع الموردين الآخرين.
وأكد وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار أن بلاده ستواصل شراء الغاز من جميع الموردين المتاحين، بما في ذلك روسيا وإيران وأذربيجان، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الغاز الأميركي المسال يوفر بدائل أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
وفي ضوء خطط الاتحاد الأوروبي لوقف واردات الطاقة الروسية بالكامل بحلول عام 2028، من المرجح أن تعتمد تركيا على الغاز الروسي والإيراني لتلبية احتياجاتها الداخلية، بينما تصدر إنتاجها المحلي والغاز المسال إلى أوروبا، ضمن رؤيتها للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز.