الرياضة

من التشرد والرصاص إلى بطولة إنجلترا.. قصة الملاكم بلال فواز الاستثنائية

من معركة ترحيل استمرت 16 عاما إلى النجاة من إطلاق النار والتشرد، كتب الملاكم بلال فواز فصول قصة استثنائية في عالم الرياضة والحياة، انتهت بتتويجه بطلا لإنجلترا في وزن السوبر والتر، بعد أن هزم خصمه جنيد بستان بقرار الأغلبية في نزال مثير امتد لعشر جولات كاملة.

لكن خلف هذا الانتصار الكبير، تقف رحلة مليئة بالجراح والنجاة والعزيمة، إذ كانت معركته الحقيقية من أجل البقاء في المملكة المتحدة.

بدايات مؤلمة

وُلد بلال فواز في نيجيريا لأم من بنين وأب لبناني، وعانى منذ طفولته من التنمر والتمييز بسبب لون بشرته وهويته المختلطة. يقول لصحيفة الغارديان عام 2020:
“كنت أسود جدا ليُقال إنني أبيض، وأبيض جدا ليُقال إنني أسود. كنت الشخص الغريب بينهم، والجميع كان يطلب مني العودة إلى بلدي، رغم أنني وُلدت هناك.”

لم يكن منزله ملاذا آمنا، فقد تعرض للعنف الأسري من والدته، في حين كان والده الغائب رجل أعمال لا يرى ابنه إلا نادرا. وفي سن الرابعة عشرة، هُرّب إلى لندن ليقيم مع رجل قيل له إنه عمه، لكن الحياة هناك كانت أقسى مما تخيل؛ إذ قال فواز:
“شعرت أنني عبد، لم يُسمح لي بالمغادرة، كنت أتعرض للضرب وأجبر على التنظيف والطهي.”

هرب فواز في النهاية ولجأ إلى خدمات الرعاية الاجتماعية، لكن الشوارع كانت في انتظاره. عاش فترات من التشرد، وتعرض للطعن 25 مرة وأصيب برصاصة في ساقه، ومع ذلك لم يفقد الأمل.

معركة الترحيل

وجد فواز نفسه ينظف المراحيض في الصالات الرياضية مقابل المأوى والطعام، بينما كان يحلم بأن يصبح ملاكما محترفا. غير أن أكبر معركة خاضها لم تكن فوق الحلبة، بل ضد قرار ترحيله.

لم تُسجل ولادته رسميا في نيجيريا، فاعتُبر عديم الجنسية. رفضت السفارة النيجيرية الاعتراف به، كما لم يكن قادرا على المطالبة بجنسية والده اللبنانية بعد وفاته. يقول فواز:
“لم أكن أنتمي إلى أي مكان. اعتقلتني وزارة الداخلية وأودعتني مركز احتجاز مرتين، وكان الأمر أشبه بكابوس لا نهاية له.”

لكن بعد 16 عاما من الصراع، تغيرت حياته في يونيو/حزيران 2020 عندما أبلغه محاميه بقرار السماح له بالبقاء والعمل في بريطانيا. يروي فواز اللحظة قائلا:
“لم أصدق ما سمعت، جعلتهم يكررون الخبر. ثم انفجرت بالبكاء لأن القرار كان مؤثرا للغاية.”

طريق النجاح

بدأت مرحلة جديدة في حياة بلال فواز بعد حصوله على الإقامة، فاحترف الملاكمة عام 2022، محققا انتصارات متتالية، ولم يخسر سوى مرة واحدة أمام أيوب زكري.
في يناير/كانون الثاني، خاض مواجهة قوية ضد جنيد بستان انتهت بتعادل مثير للجدل، لتُعاد لاحقا في مدينة شيفيلد، حيث تمكن من الفوز بقرار منقسم وانتزع لقب إنجلترا.

مسيرته الهواة كانت مميزة أيضا؛ إذ فاز في 80 من أصل 90 نزالا، ومثّل إنجلترا ست مرات على المستوى الدولي. ورغم ندوب الطعنات وآثار الرصاص التي ما زالت تزين جسده، فإن صالة “أول ستارز” في غرب لندن أصبحت بيته الآمن، حيث وجد مع مدربه ستيف بالمر معنى جديدا للحياة.

يقول فواز في ختام حديثه:
“الملاكمة أنقذت حياتي. حولت ألمي إلى قوة، وجعلتني أصدق أن لا شيء مستحيل لمن يواصل القتال.”

زر الذهاب إلى الأعلى