الصحة

الرعاية التلطيفية: تحسين جودة الحياة لمواجهة الأمراض الخطيرة

قد يغير اتصال واحد أو نتيجة تحليل بسيط مجرى حياة الإنسان وحياة من حوله، ومع كل تغير يظهر حاجته لتعلم مهارات جديدة وبناء نظام حياة مختلف يتلاءم مع هذا التحول.

تشكل التغيرات المصاحبة للأمراض الخطيرة عبئاً ثقيلاً على حياة البشر، حيث تنعكس آثارها على المحيطين بهم مادياً ومعنوياً. فالمريض الذي كان أباً يكرس وقته لعائلته، أو أماً تتحمل مسؤولية المنزل، يصبح اهتمامه متركزاً الآن على صحته، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى أزمات مالية واضطرابات اجتماعية.

وفق منظمة الصحة العالمية، يمتلك كل إنسان الحق في الصحة، ويشمل ذلك الحصول على الرعاية التلطيفية عند الإصابة بأمراض خطيرة.

ما هي الرعاية التلطيفية؟

الرعاية التلطيفية (Palliative Care) هي نهج متخصص لرعاية الأشخاص المصابين بأمراض خطيرة أو مهددة للحياة، مثل السرطان، وتهدف إلى تحسين جودة الحياة وتمكين المرضى من العيش بأفضل حالة ممكنة لأطول فترة ممكنة.

تتناسب الرعاية التلطيفية مع المرضى من جميع الأعمار وفي أي مرحلة من مراحل المرض، ويمكن تقديمها في المستشفيات، العيادات الخارجية، دور الرعاية، أو في المنزل تحت إشراف متخصصين.

تشير التقديرات إلى أن نحو 56.8 مليون شخص سنوياً يحتاجون إلى الرعاية التلطيفية، منهم 25.7 مليون شخص في السنة الأخيرة من حياتهم.

الرعاية التلطيفية وعلاقتها بمرض السرطان

ترتبط الرعاية التلطيفية ارتباطاً وثيقاً بالمرضى المصابين بالسرطان، الذي يُعد ثاني أكثر أسباب الوفاة شيوعاً في العالم، حيث يُقدر عدد الوفيات بـ 9.6 ملايين حالة سنوياً، أي حالة وفاة من بين كل ست حالات، وفق منظمة الصحة العالمية.

بدأت الرعاية التلطيفية في الأساس بالتركيز على المرضى في المراحل المتقدمة من السرطان، لكنها تطورت لتشمل إدارة الأعراض وتحسين جودة الحياة للمرضى في جميع مراحل المرض. وغالباً ما يتم تقديمها منذ التشخيص بالتزامن مع العلاج، وتستمر بعد الانتهاء من العلاج لدعم المريض والأسرة.

تركز الرعاية التلطيفية على تخفيف الألم والتوتر والقلق الناتج عن المرض، وتمكين المرضى وعائلاتهم من المشاركة في تخطيط الرعاية، لضمان تلبية جميع الاحتياجات الصحية والنفسية والاجتماعية.

فرق الرعاية التلطيفية المتخصصة

تُقدَّم الرعاية التلطيفية المتخصصة غالباً عبر فرق متعددة التخصصات تشمل الأطباء والممرضين، مع إمكانية إضافة اختصاصيين اجتماعيين، علماء نفس، مختصي التحكم بالألم، العلاج الطبيعي والمهني، التغذية، والصيادلة.

ويشكل نقص الموارد البشرية والمالية أحد العوامل الأساسية التي تحد من توفير الرعاية التلطيفية الأمثل للمرضى حول العالم.

دور أطباء الرعاية التلطيفية

يقوم أطباء الرعاية التلطيفية بعدة مهام رئيسية تشمل:

  • وصف أدوية لتخفيف الألم.
  • مساعدة المرضى على التكيف مع التوتر والقلق المرتبط بالمرض.
  • تسهيل الحوارات الصعبة بين طبيب الأورام والمريض وعائلته.
  • تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، بما في ذلك العلاج بالفن والمشاركة في مجموعات الدعم.
  • تقديم توصيات بالعلاج الطبيعي والتمارين الرياضية، ومساعدة المرضى على الانتقال إلى دور الرعاية المختصة عند الحاجة.

يبدأ الدعم التلطيفي غالباً منذ تشخيص المريض بالسرطان، بهدف مساعدة المرضى وعائلاتهم طوال رحلة العلاج على تخفيف الألم، الاكتئاب، والتوتر. وقد أظهرت الدراسات أن الرعاية التلطيفية المبكرة تساعد المرضى وأسرهم على عيش حياة أطول وأكثر جودة.

زر الذهاب إلى الأعلى