ديفيد جيمس: من قمة المجد الكروي إلى الإفلاس الشخصي

لم يكن ديفيد جيمس مجرد حارس مرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز، بل كان أحد أبرز الوجوه الكروية في التسعينيات وبداية الألفية. بفضل طوله ومهاراته وردود أفعاله السريعة، حقق نجاحات كبيرة مع الأندية التي لعب لها، وأصبح اسمه مرتبطًا بتاريخ منتخب إنجلترا بعد مسيرة دولية طويلة. ومع ذلك، انتهت حياته المالية بشكل درامي بعد أن أُعلن إفلاسه واضطر لبيع مقتنياته الشخصية في مزاد علني، لتصبح قصة جيمس مثالًا على أن النجومية الكروية لا تضمن نهاية سعيدة دائمًا.
مسيرة احترافية متميزة
وُلد ديفيد جيمس في أكتوبر/تشرين الأول 1970 بمدينة هيرتفوردشير، وبدأ مسيرته الاحترافية مع واتفورد، حيث لفت الأنظار بموهبته الكبيرة. في عام 1992، انتقل إلى ليفربول ليصبح الحارس الأول للنادي لعدة مواسم، رغم تعرضه أحيانًا لانتقادات بسبب بعض الأخطاء.
بعد تجربة ناجحة مع ليفربول، تنقل جيمس بين عدة أندية بارزة في الدوري الإنجليزي الممتاز، شملت أستون فيلا ووست هام يونايتد ومانشستر سيتي، قبل أن يستقر في بورتسموث. هنا عاش محطته الأهم على مستوى الأندية، حين قاد الفريق للتتويج بكأس الاتحاد الإنجليزي عام 2008، مُخلّدًا اسمه في تاريخ النادي الجنوبي.
النهاية الصعبة
على الصعيد الدولي، شارك جيمس في أكثر من 50 مباراة مع منتخب إنجلترا، بما في ذلك بطولات كبرى مثل يورو 2004 وكأس العالم 2010، ليصبح واحدًا من أبرز حراس العصر الحديث للـ”أسود الثلاثة”.
ورغم أن جيمس جمع خلال مسيرته ما يزيد على 27 مليون دولار، إلا أن حياته بعد الاعتزال شهدت تراجعًا كبيرًا. فقد أعلن إفلاسه رسميًا عام 2014، واضطر إلى بيع مقتنيات شخصية ثمينة، شملت أكثر من 150 قميصًا تبادله مع لاعبين آخرين، ومعدات دي جي، وما يقارب 1800 أسطوانة موسيقية، إلى جانب أدوات منزلية.
وكان السبب المباشر لإفلاسه الطلاق من زوجته تانيا عام 2005، الذي خلف التزامات مالية ضخمة، لكن السبب العميق يعود إلى نمط حياة اتسم بالإسراف. فقد كشف زميله السابق ستان كوليمور في سيرته الذاتية أن جيمس كان ينفق بلا حساب، حيث كان يشتري سيارات جديدة لمجرد تعديل أخرى، ويستبدل أحذيته بدل تنظيفها.
جوانب إنسانية في شخصيته
رغم الإفلاس، لم يتخلَّ جيمس عن مبادئه الإنسانية، إذ أسس مؤسسة خيرية لدعم المشاريع في دولة مالاوي، وكتب عمودًا في صحيفة “ذا أوبزرفر” لدعم التبرعات. كما تبرع بجزء من أمواله لمساعدة موظفي بورتسموث عندما واجه النادي أزمة إدارية، حرصًا منه على توفير الأمن الوظيفي لهم.
درس من قصة حياة جيمس
انتهت مسيرة ديفيد جيمس بصورة متناقضة: حارس مرمى عظيم، خاض لحظات مجد مع أنديته ومنتخب بلاده، لكنه وصل في نهاية المطاف إلى الإفلاس بعد مسيرة طويلة من الإنجازات. بين المجد الكروي والسقوط المالي، تظل قصته درسًا قاسيًا عن أن الشهرة والموهبة وحدهما لا يكفيان لضمان حياة مستقرة بعد الاعتزال.