قرارات اقتصادية مثيرة للجدل في السودان بين الترحيب والتحفظ

أثارت القرارات الأخيرة للجنة الطوارئ الاقتصادية في السودان، برئاسة رئيس الوزراء كامل إدريس، جدلاً واسعاً بين مختلف القطاعات الاقتصادية. فبينما اعتبرها البعض خطوة ضرورية للسيطرة على سوق الذهب ووقف تراجع الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، رأى آخرون أنها قد تكون “كارثية” على الاقتصاد الوطني، خاصة ما يتعلق باحتكار الدولة لصادرات الذهب.
أبرز القرارات
شملت حزمة القرارات:
- تشكيل لجنة للطوارئ الاقتصادية برئاسة رئيس الوزراء.
- منع استيراد البضائع إلا وفق الضوابط المصرفية والتجارية المعتمدة، مع حظر دخول أي بضائع غير مطابقة للمواصفات.
- تفعيل دور قوات مكافحة التهريب ومنحها الوسائل اللازمة لأداء مهامها.
- اعتبار حيازة أو تخزين الذهب دون مستندات رسمية جريمة تهريب.
- إخضاع إنتاج الذهب للرقابة الصارمة حتى التصدير لضمان عدم تهريبه.
- حصر شراء وتسويق الذهب في جهة حكومية واحدة تلتزم بتوفير النقد الأجنبي للمستوردين.
- إنشاء منصة قومية رقمية لمتابعة حركة الصادرات والواردات.
- مراجعة سياسات استيراد السيارات وضبط عمليات الاستيراد غير المنظم.
- مراجعة أوامر الطوارئ الولائية المتعلقة بالجبايات غير القانونية.
- مراجعة سياسات الصادر وإزالة العقبات التي تعيق تدفق الصادرات.
ترحيب مشروط
غرفة تجار الذهب في الخرطوم رحبت بالقرارات، وخصوصاً احتكار تصدير الذهب للدولة، معتبرة أن ذلك يتيح السيطرة على المورد الأهم للاقتصاد في ظل الحرب. لكنها اشترطت أن يتم الشراء من التجار بالسعر العالمي والأعلى في السوق المحلي لإغلاق منافذ التهريب تماماً.
انتقادات وتحفظات
على الجانب الآخر، وصف رئيس شعبة مصدري الذهب، عبد المنعم الصديق، القرار بالكارثي، مؤكداً أنه سيعيد تكرار تجارب فاشلة سابقة أدت إلى مزيد من الفساد وإهدار الموارد. وأشار إلى أن احتكار الحكومة للصادر يفتح الباب واسعاً أمام الممارسات غير المشروعة.
مبارك أردول، المدير السابق للشركة السودانية للموارد المعدنية، ذهب أبعد من ذلك واعتبر أن هذه السياسات “تقتل المنافسة الحرة”، مطالباً الدولة بالشراكة مع القطاع الخاص بدلاً من احتكاره. وأكد أن التجربة السابقة للاحتكار فشلت، بينما أثبتت سياسة التحرير الاقتصادي نجاحاً في توفير العملات الأجنبية.
الحاجة إلى آلية تنفيذ قوية
من جهته، رأى البروفيسور كمال أحمد يوسف، عميد الدراسات العليا بجامعة النيلين، أن القرارات في جوهرها جيدة لكنها تحتاج إلى آلية تنفيذ بصلاحيات قوية، محذراً من الصراع بين وزارات الدولة الذي قد يعرقلها. وأوضح أن مكافحة التهريب تحدٍ سلوكي لن يُحسم بسهولة، داعياً إلى تقنين الاستخراج بالتعاون مع شركات عالمية، وإيقاف التعدين العشوائي الذي يسيطر على نحو 80% من إنتاج الذهب في البلاد.
بين الذهب والزراعة
وشدد يوسف على أن مواجهة أزمة الجنيه السوداني لا يمكن أن تتحقق عبر الذهب وحده، بل تستدعي الاهتمام بالزراعة والصناعة وتشجيع الاستثمار المحلي، مع مراجعة سياسات الضرائب والجبايات التي تثقل كاهل المواطن.







