السجائر الإلكترونية.. بديل صحي أم خطر خفي؟

عند ظهورها مطلع العقد الماضي، رُوّج للسجائر الإلكترونية باعتبارها بديلاً أكثر أمانًا من السجائر التقليدية ووسيلة تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين. إلا أن تراكم الدراسات الحديثة بدأ يكشف عن صورة أكثر تعقيدًا، تثير تساؤلات جوهرية حول سلامتها وتأثيراتها طويلة الأمد.
وعود أولية تقابلها مخاوف متزايدة
رُوّج للسجائر الإلكترونية بأنها وسيلة انتقالية للإقلاع عن التدخين نهائيًا، لكن أبحاثًا متعددة أظهرت أنها قد لا تكون أقل خطورة. فقد وجدت فرق علمية أن الرذاذ المنبعث منها يحتوي على مستويات مرتفعة من المعادن الثقيلة والمواد الكيميائية الضارة، التي تؤثر بشكل مباشر على القلب والرئتين والدماغ.
وتشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن تقييم مخاطر هذه الأجهزة أصبح أكثر تعقيدًا، خاصة مع تقليص التمويل الأميركي المخصص لدراسات الإقلاع عن التدخين وإغلاق بعض الوحدات البحثية.
تأثيرات مباشرة على القلب والأوعية الدموية
يقول الدكتور جيمس شتاين، أخصائي القلب في جامعة ويسكونسن: “المنطق السليم يقول إن استنشاق مواد كيميائية ساخنة إلى الرئتين لا يمكن أن يكون مفيدًا”.
الأبحاث تشير إلى أن نفخة واحدة من السيجارة الإلكترونية تسبب ارتفاعًا فوريًا في معدل ضربات القلب وانقباض الأوعية الدموية، ما يؤدي على المدى الطويل إلى تصلب الشرايين. كما يرتبط الاستخدام المتكرر بارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر السكتات الدماغية والنوبات القلبية.
مواد مسرطنة وسموم خفية
عند تسخين السوائل الإلكترونية لدرجات عالية، تنبعث مركبات مسرطنة مثل الفورمالديهايد والأسيتالديهيد. كما وجدت دراسات أن بعض العلامات التجارية تطلق معادن ثقيلة مثل النيكل والأنتيمون والرصاص، الأخير يعد من أخطر السموم العصبية.
ويحذر الخبراء من أن السجائر الإلكترونية المنكهة قد تلحق أضرارًا بأغشية الخلايا وتزيد احتمالات الإصابة بأمراض الرئة والقلب، إضافة إلى حالات نادرة مثل “رئة الفشار” الناتجة عن استنشاق مركب ثنائي الأسيتيل.
أثرها على الرئة والفم
التدخين الإلكتروني يؤدي إلى التهابات في الشعب الهوائية والرئتين، وقد يفاقم أعراض الربو والانسداد الرئوي المزمن. أما في الفم، فيحدّ النيكوتين من تدفق الدم إلى اللثة، مما يجعلها أكثر عرضة للأمراض والالتهابات.
الإدمان.. خطر يهدد الشباب
تؤكد الدراسات أن السجائر الإلكترونية تسبب الإدمان، خصوصًا بين المراهقين الذين لا تزال أدمغتهم في طور النمو. وتروي الدكتورة باميلا لينغ، مديرة مركز أبحاث مكافحة التبغ بجامعة كاليفورنيا، أن بعض المراهقين ينامون والسجائر الإلكترونية تحت وسائدهم ليستخدموها فور الاستيقاظ.
ومع ظهور منتجات تحتوي على ما يصل إلى 20 ألف نفخة نيكوتين – تعادل نحو 100 علبة سجائر تقليدية – أصبح خطر الإدمان أشد من أي وقت مضى.
الخلاصة
رغم تسويقها كبديل “أقل ضررًا”، تكشف الأدلة المتزايدة أن السجائر الإلكترونية ليست خالية من المخاطر، بل تحمل أضرارًا جسيمة على القلب والرئتين والدماغ، إضافة إلى قدرتها العالية على التسبب في الإدمان. وما زال الغموض يلف تأثيراتها طويلة المدى، لكن المؤكد أن صورتها كوسيلة آمنة للإقلاع عن التدخين أصبحت موضع شك كبير.