الاتحاد الأوروبي يلوّح بأداة “مكافحة الإكراه” للرد على تهديدات ترامب الجمركية

في ظل تصاعد التوترات التجارية بين ضفّتي الأطلسي، كشفت وكالة بلومبيرغ عن تنامي الدعم داخل الاتحاد الأوروبي لتفعيل ما يُعرف بأداة “مكافحة الإكراه” (ACI) في مواجهة الولايات المتحدة، إذا مضى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تنفيذ تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على صادرات التكتل الأوروبي.
ووفقًا لمصادر مطلعة تحدّثت لـبلومبيرغ، فإن الأداة الأوروبية، التي شُرّعت سابقًا للرد على الضغوط الاقتصادية الخارجية، تمنح بروكسل صلاحيات واسعة للرد تشمل:
- فرض ضرائب جديدة على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة؛
- فرض قيود انتقائية على الاستثمارات الأميركية في أوروبا؛
- استبعاد الشركات الأميركية من الوصول الكامل إلى السوق الموحدة أو المناقصات العامة.
باريس تقود المسار التصعيدي.. ودعم أوروبي واسع
ورغم محاولات المفوضية الأوروبية لاحتواء التوتر، تقود فرنسا جهودًا لدفع بروكسل نحو تبني نهج أكثر صرامة. فقد شدد وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، بنجامين حداد، على ضرورة إبقاء خيار استخدام الأداة مطروحًا، معتبرًا أن “إظهار القوة والوحدة هو السبيل الوحيد لحماية المصالح الأوروبية”، وفق تصريحاته لتلفزيون بلومبيرغ.
وأفادت الوكالة بأن أكثر من نصف دول الاتحاد تؤيد المقترح الفرنسي، ما يعكس تنامي القلق الأوروبي من السياسات التجارية التصادمية لإدارة ترامب.
مفوضية الاتحاد الأوروبي تحاول كبح التصعيد
رغم التصعيد اللفظي، تسعى المفوضية الأوروبية إلى إبقاء باب التفاوض مفتوحًا. وقد أعلن المفوض التجاري الأوروبي، ماروش شيفشوفيتش، عن زيارة مرتقبة إلى واشنطن خلال الأسبوع الجاري لاستئناف المحادثات. وفي السياق ذاته، شددت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين على أن “الأداة وُجدت لحالات استثنائية، ونحن لسنا هناك بعد”، في محاولة واضحة لتهدئة الأجواء.
لكن التصريحات الفرنسية وبيانات العواصم الداعمة تظهر أن خيار الردّ القاسي بات مطروحًا على الطاولة، خاصة مع توالي تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية قد تصل إلى 50% على واردات أوروبية من الصلب والألمنيوم، و25% على السيارات.
خيبة أمل أوروبية ورسائل أميركية صارمة
وفي حديث مع إذاعة بلومبيرغ، أعرب المفوض الأوروبي مايكل مكغراث عن “الدهشة وخيبة الأمل” إزاء رسالة رسمية من ترامب تضمنت تهديدًا برسوم جديدة، لكنه أبدى أملًا في التوصل إلى تسوية قبل حلول الأول من أغسطس/آب، رغم وصفه للمفاوضات بأنها “معقدة وتشكل تحديًا حقيقيًا”.
احتمال تصعيد تجاري غير مسبوق
وإذا ما تم تفعيل “أداة مكافحة الإكراه” للمرة الأولى ضد الولايات المتحدة، فسيشكّل ذلك تصعيدًا غير مسبوق في العلاقات التجارية عبر الأطلسي، وربما يدفع إدارة ترامب إلى اتخاذ خطوات انتقامية أشد.
وتشير بلومبيرغ إلى أن هذه الأداة سبق أن طُرحت ضمن إصلاحات السياسة التجارية الأوروبية بعد الإجراءات الحمائية التي اتخذتها إدارة ترامب في ولايته الأولى، كما استُحضرت في مواجهة ضغوط الصين على ليتوانيا على خلفية علاقتها بتايوان.
صناعة الأدوية في مرمى النيران
وفي تصعيد إضافي، ألمح ترامب في تصريحات حديثة إلى إمكانية فرض رسوم جمركية جديدة على واردات من الأدوية، ما يُعد تهديدًا مباشرًا لصناعة الأدوية الأوروبية التي ترتبط بشدة بالسوق الأميركية.
الاتفاق ما زال ممكنًا.. بشروط متشددة
وفي محاولة لتجنّب التصعيد، تُجري بروكسل مفاوضات مكثّفة للتوصل إلى اتفاق مؤقت. وتشير تقارير بلومبيرغ إلى أن المقترح الأوروبي يتضمّن فرض رسوم أميركية بنسبة لا تتجاوز 10% على صادرات الاتحاد، مع إعفاء قطاعات استراتيجية مثل الطيران والمعدات الطبية.
ومع ذلك، يبدو أن أوروبا باتت على مفترق طرق حساس: فإما الانصياع لسياسات واشنطن التجارية، أو استخدام أقسى أدواتها للرد، مع ما يحمله هذا الخيار من مخاطر اندلاع حرب تجارية شاملة.