قيود واشنطن على تصدير الرقائق قد تعزز هيمنة الصين في سوق أشباه الموصلات

في محاولة للحد من نفوذ الصين في مجال التكنولوجيا، تسعى إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى فرض قيود صارمة على تصدير رقائق الحاسوب ذات الأهمية الإستراتيجية. غير أن خبراء يرون أن هذه الإجراءات قد تأتي بنتائج عكسية، من خلال تحفيز الابتكار في الشركات الصينية وتمكينها من تعزيز موقعها في سوق أشباه الموصلات العالمي.
ويرى المحلل جاك غولد من شركة “جاي غولد أسوسياتس” أن “الولايات المتحدة، من حيث لا تدري، تمنح الصين فرصة ذهبية لدفع قطاع الرقائق الإلكتروني لديها إلى الأمام”، محذرًا من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى فقدان الشركات الأميركية لحصتها في السوق العالمية.
خسائر متوقعة لشركات أميركية
أعلنت شركتا “إنفيديا” و”إيه إم دي” الأميركيتان، الرائدتان في مجال أشباه الموصلات، عن تعرضهما لأضرار مالية كبيرة نتيجة القيود الجديدة. إذ قدرت “إنفيديا” خسائرها بنحو 5.5 مليارات دولار، في حين توقعت “إيه إم دي” أن تصل خسائرها إلى 800 مليون دولار، حسب وثائق رسمية أُودعت لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
وتلزم القواعد الجديدة شركة “إنفيديا” بالحصول على تصاريح لتصدير رقائقها من طراز H20 إلى الصين، بسبب مخاوف من استخدامها في تطوير الحواسيب الفائقة. ورغم تصميم هذه الرقائق خصيصاً للسوق الصينية مع الامتثال للقيود الأميركية السابقة، فإن التعديلات الأخيرة تمثل عائقًا كبيرًا.
أما “إيه إم دي”، فقد شمل الإجراء الجديد رقائقها المتطورة MI308، المصممة للتطبيقات عالية الأداء، مما يهدد قدرتها على المنافسة في السوق الصيني.
نافذة للصين وفرصة لهواوي
يرى محللون أن القيود الأميركية تمثل فرصة ذهبية للصين لتعزيز قدراتها التقنية. ويقول روب إنديرلي، محلل التكنولوجيا المستقل، إن الشركات الصينية، وعلى رأسها “هواوي”، ستسارع إلى تطوير بدائل محلية قد تسهم في إنهاء الهيمنة الأميركية على سوق المعالجات الدقيقة.
ويضيف: “ما يحدث هو بمثابة هدية للصين، تتيح لها تسريع جهودها للسيطرة على سوق الرقائق الإلكترونية”.
ترامب والتأثير العكسي
يشير جاك غولد إلى أن استراتيجية إدارة ترامب تقوم على الضغط، لكنه يحذر من أن “الاقتصاد العالمي لا يعمل بهذه الطريقة”، مؤكدًا أن هذه الإجراءات قد تدفع حتى حلفاء واشنطن إلى التوجه نحو الصين للحصول على الشرائح الإلكترونية.
كما يحذر دان إيف، المحلل لدى “ويدبوش”، من أن “الولايات المتحدة تدرك جيدًا أن إنفيديا تمثل حجر الأساس في ثورة الذكاء الاصطناعي، وهي تحاول من خلال هذه القيود الحد من تسارع تقدم الصين في هذا المجال”، لكنه يضيف: “حرب الرقائق لم تنتهِ بعد، ونتوقع استمرار المواجهة بين الطرفين”.
خلاصة
في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى فرض هيمنتها على التكنولوجيا المتقدمة، يبدو أن محاولاتها للحد من صعود الصين قد تأتي بنتائج عكسية، عبر تحفيز الأخيرة على تسريع جهودها في تطوير تقنياتها المحلية. ومع تصاعد ما يُعرف بـ”حرب الرقائق”، يبقى مستقبل المنافسة في سوق أشباه الموصلات مفتوحًا على كل الاحتمالات.