ولادة 8 أطفال أصحاء في بريطانيا باستخدام تقنية تلقيح اصطناعي مبتكرة بالحمض النووي لثلاثة أشخاص

شهدت المملكة المتحدة حدثاً طبياً غير مسبوق، حيث وُلد 8 أطفال أصحاء باستخدام تقنية رائدة في مجال التلقيح الاصطناعي، تعتمد على دمج الحمض النووي من ثلاثة أشخاص، في تجربة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم.
آلية التقنية الجديدة
ترتكز هذه الطريقة على استخدام الحمض النووي من بويضة الأم، والحيوانات المنوية من الأب، بالإضافة إلى جزء صغير من الحمض النووي السليم المأخوذ من بويضة متبرعة، بهدف منع انتقال الأمراض الوراثية المرتبطة بالـ ميتوكوندريا.
الميتوكوندريا تُعرف بأنها “محطة الطاقة” في الخلية، وتلعب دوراً أساسياً في العمليات الأيضية والحفاظ على النشاط الخلوي. وبما أن الأبناء يرثون الميتوكوندريا من الأم، فإن أي خلل وراثي فيها قد يؤدي إلى أمراض خطيرة.
خلفية علمية
تُعتبر أمراض الميتوكوندريا من أكثر اضطرابات التمثيل الغذائي الوراثية شيوعاً، وقد وثقت لأول مرة عام 1871 على يد الطبيب ثيودور ليبر. هذه الاضطرابات قد تسبب أعراضاً خطيرة تشمل فقدان البصر وضعف العضلات، وتؤثر على نحو مولود واحد من كل 5 آلاف طفل حول العالم، دون وجود علاج شافٍ حتى الآن.
نتائج التجربة
نُشرت نتائج التجربة، التي قادها خبراء من جامعة نيوكاسل البريطانية وجامعة موناش الأسترالية، في مجلة نيو إنغلاند الطبية بتاريخ 16 يوليو/تموز الجاري.
وقد خضعت 22 امرأة للعلاج في مركز نيوكاسل للخصوبة، وأسفرت التجربة عن ولادة 8 أطفال (4 ذكور و4 إناث) تتراوح أعمارهم بين أقل من ستة أشهر وأكثر من عامين.
وأظهرت التحاليل أن نسبة الحمض النووي الميتوكوندري المتحور قد انخفضت بنسبة 95-100% لدى 6 من الأطفال، وبنسبة تتراوح بين 77-88% لدى الطفلين الآخرين، وهي نسب تقل عن العتبة المسببة للمرض. جميع الأطفال يتمتعون حالياً بصحة جيدة، فيما ستُجرى متابعات طبية مستمرة لتقييم صحتهم على المدى الطويل.
الجدل الأخلاقي
ورغم هذا النجاح العلمي، تبقى التقنية مثيرة للجدل، إذ لم تُعتمد بعد في عدد من الدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا. ويعبر المعارضون عن مخاوفهم من الجوانب الأخلاقية، خصوصاً ما يتعلق بتدمير الأجنة البشرية أو إمكانية التوجه نحو إنتاج ما يُعرف بـ “الأطفال المصممين”.
في المقابل، يرى المؤيدون أن هذه التقنية تمثل ثورة طبية قادرة على إنقاذ أسر عديدة من معاناة الأمراض الوراثية المدمرة للميتوكوندريا، وتمنح الأطفال فرصة لحياة صحية وطبيعية.