الصحة

“مونجارو” يحصل على موافقة جديدة لعلاج انقطاع النفس النومي لدى المصابين بالسمنة

أعلنت إدارة السلع العلاجية الأسترالية (TGA) موافقتها على استخدام دواء “مونجارو” (Mounjaro) لعلاج انقطاع النفس الانسدادي النومي المتوسط إلى الشديد لدى البالغين الذين يعانون من السمنة، وهو تطور يفتح آفاقاً جديدة لعلاج هذه الحالة المعقدة التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم.

ووفقاً لما نقلته صحيفة الإندبندنت البريطانية، فإن الموافقة تشمل المرضى الذين يبلغ مؤشر كتلة أجسامهم (BMI) 30 أو أكثر، وهو ما يعكس توجهاً متزايداً لاعتماد العلاجات الدوائية في مواجهة اضطرابات النوم المرتبطة بالسمنة، بعد أن سبقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) بإقرار استخدام الدواء نفسه للغرض ذاته العام الماضي.

انقطاع النفس النومي: مرض عالمي معقّد

انقطاع النفس الانسدادي النومي هو اضطراب شائع يصيب قرابة مليار شخص حول العالم، ويتميز بانسدادات جزئية أو كاملة في مجرى الهواء أثناء النوم، مما يؤدي إلى توقف التنفس مؤقتاً، واضطراب في النوم، وانخفاض مستويات الأكسجين في الجسم.

وتتسبب هذه الانسدادات المتكررة في إجهاد القلب وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، والسكتة الدماغية. وتُعد السمنة من أبرز عوامل الخطر لهذه الحالة، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 80% من المصابين بها يعانون من السمنة، في علاقة طردية تعزز كل حالة الأخرى.

السمنة تزيد من احتمالية انسداد مجرى الهواء بسبب تراكم الدهون حول الرقبة، في حين أن اضطرابات النوم المزمنة الناتجة عن انقطاع النفس تخلّ بتوازن الهرمونات المنظمة للجوع والشبع، مما يزيد من صعوبة التحكم بالوزن ويدخل المرضى في حلقة مفرغة.

دور “مونجارو”: علاج دوائي لحلقة يصعب كسرها

يعتمد “مونجارو”، الذي يحتوي على المادة الفعالة تيرزيباتيد (Tirzepatide)، على آلية مزدوجة تحاكي عمل هرمونين مسؤولين عن تنظيم الشهية وسكر الدم، هما:

  • GLP-1 (الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1)
  • GIP (الببتيد المعتمد على الغلوكوز المحفز للأنسولين)

من خلال هذه الآلية، يعزز الدواء الشعور بالشبع، ويقلل من تناول السعرات الحرارية، مما يساعد على فقدان الوزن وتحسين المؤشرات الأيضية الأخرى مثل ضغط الدم وحساسية الإنسولين وتقليل الالتهاب، وهي عوامل رئيسية تسهم في تفاقم انقطاع النفس النومي.

وفي دراسة شملت 469 مريضاً يعانون من السمنة وانقطاع النفس النومي، أدى العلاج بـ”مونجارو” لمدة عام إلى تقليل شدة الحالة بنسبة تصل إلى 60%، مقارنة بانخفاض لا يتجاوز 3% في مجموعة العلاج الوهمي.

مقارنة مع العلاجات التقليدية

يُعد جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) العلاج القياسي لانقطاع النفس النومي، إذ يُبقي مجرى الهواء مفتوحاً عبر تدفق مستمر للهواء المضغوط. لكن رغم فعاليته، يواجه هذا الجهاز معدلات التزام منخفضة بسبب الانزعاج أو صعوبة الاستخدام المنتظم.

وهنا تبرز أهمية “مونجارو” كخيار دوائي بديل أو مكمل، خاصة لمن يواجهون صعوبة في استخدام الجهاز، ويوفر نهجاً أقل تدخلاً وأكثر قابلية للتطبيق على المدى الطويل.

الآثار الجانبية والتحذيرات

ورغم فوائده المحتملة، يرتبط “مونجارو” بعدد من الآثار الجانبية الشائعة، أبرزها الغثيان، والإمساك، وفقدان الشهية، واضطرابات في الجهاز الهضمي. وقد تظهر كذلك مشكلات نادرة في المرارة، مما يتطلب متابعة طبية دقيقة خلال فترة العلاج.

من المهم الإشارة إلى أن “مونجارو” ليس مناسباً لجميع مرضى انقطاع النفس النومي، إذ لا تعود جميع الحالات إلى السمنة. ففي بعض الحالات، يكون السبب anatomically مرتبطاً بضيَق المجرى الهوائي العلوي أو كِبر حجم الحنك الرخو. في هذه الحالات، قد تكون العلاجات الميكانيكية أو الجراحية مثل أجهزة تقديم الفك السفلي أو جراحات مجرى التنفس أكثر فاعلية.

نقلة نوعية في خيارات العلاج

يمثل إدراج “مونجارو” كخيار دوائي لانقطاع النفس النومي تطوراً مهماً في نهج علاج اضطرابات النوم المرتبطة بالسمنة، ويوفّر للمصابين بديلاً واعداً يتجاوز الحلول الميكانيكية التقليدية.

ومع استمرار الدراسات السريرية وتوسع القبول التنظيمي لهذا النوع من الأدوية، قد نشهد في السنوات المقبلة تحوّلاً في كيفية إدارة انقطاع النفس النومي، من خلال الجمع بين الطب الدوائي والتحكم بالوزن لتحسين جودة النوم والصحة العامة.

زر الذهاب إلى الأعلى