مساعي ترامب لإنتاج هواتف آيفون داخل الولايات المتحدة تصطدم بتحديات قانونية وتقنية واقتصادية

قال خبراء إن جهود الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لإجبار شركة “آبل” على تصنيع هواتف آيفون داخل الولايات المتحدة تواجه عقبات قانونية واقتصادية معقدة، من أبرزها صعوبة أتمتة عمليات دقيقة مثل تثبيت “البراغي الصغيرة”، بحسب تقرير لوكالة “رويترز”.
وكان ترامب قد هدّد، يوم الجمعة الماضي، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على هواتف آيفون المصنّعة في الخارج إذا تم بيعها داخل السوق الأميركية، في إطار مساعيه لدعم قطاع التصنيع المحلي وتعزيز سوق العمل.
وقال ترامب في تصريحات صحفية إن الرسوم ستشمل أيضًا شركات أخرى مثل “سامسونغ”، مشددًا على أن فرضها يجب أن يكون شاملًا حتى لا “يُظلم أحد”. وأضاف أنه ناقش الأمر مع الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، وأبلغه بأنه لا يعارض إنشاء مصانع في الهند، “لكن دون إعفاء من الرسوم الجمركية إذا كانت المنتجات ستُباع داخل الولايات المتحدة”.
معضلة التصنيع المحلي
وتُنتج آبل حاليًا أكثر من 80% من أجهزتها في الصين. وقد صرّح وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك بأن تصنيع أجهزة آيفون داخل أميركا سيتطلب أتمتة عالية لتقليل الاعتماد على “الملايين ممن يثبتون براغي صغيرة جدًا”، مشيرًا إلى أن ذلك سيوفر وظائف للعمال المهرة مثل الميكانيكيين والكهربائيين.
لكن لوتنيك أوضح لاحقًا في مقابلة مع “CNBC” أن تيم كوك أبلغه بصعوبة تحقيق ذلك حاليًا نظرًا لعدم توفر التكنولوجيا المطلوبة. وقال: “أخبرني كوك أنه بحاجة إلى أذرع روبوتية ذات دقة عالية، وحتى يتوفر ذلك، لن يكون بالإمكان نقل الصناعة إلى الولايات المتحدة”.
تكاليف مرتفعة وأسعار متوقعة
يُجمع عدد من المحللين والاقتصاديين على أن نقل إنتاج هواتف آيفون إلى الولايات المتحدة سيُقابل بتحديات لوجستية ومالية ضخمة. وقال المحلل دان إيفز من شركة “ويدبوش” إن تنفيذ هذا المشروع قد يستغرق نحو عقد من الزمن، مضيفًا أن تكلفة تصنيع هاتف آيفون محليًا قد ترفع سعره إلى 3500 دولار، مقارنة بالسعر الحالي الذي يبلغ نحو 1200 دولار.
وأضاف إيفز: “تصنيع آيفون في أميركا يبدو أقرب إلى قصة خيالية منه إلى مشروع واقعي”.
ويرى الخبراء أن العقبات تشمل العثور على عمالة مدربة، وارتفاع التكاليف التشغيلية، إضافة إلى الرسوم الجمركية المفروضة على استيراد المكونات من الخارج، إذ لا تزال سلاسل التوريد العالمية ضرورية لتجميع الهواتف.
انعكاسات محتملة على المستهلك والسوق
وتوقّع “بنك أوف أميركا” أن يرتفع سعر هاتف “آيفون 16 برو” بنسبة 25% إذا تم تصنيعه بالكامل في الولايات المتحدة، لتصل تكلفته إلى نحو 1500 دولار، فقط بسبب تكاليف العمالة.
من جهته، قال البروفيسور بريت هاوس من جامعة كولومبيا إن “فرض رسوم جمركية على آبل لن يؤدي سوى إلى تعقيد سلسلة التوريد الخاصة بها، وزيادة الأعباء على المستهلك الأميركي”، مضيفًا أن “كل ذلك لن يكون في مصلحة المستخدم النهائي”.
آفاق التصنيع في الهند والرسوم القادمة
تشير تقديرات شركة “كاونتربوينت ريسيرش” إلى أن نحو 20% من واردات آيفون إلى السوق الأميركية تأتي حاليًا من الهند، بينما يأتي الجزء الأكبر من الصين. وكانت آبل قد أوضحت أن الرسوم الجمركية على الواردات من الصين قد ترفع تكاليفها بمقدار 900 مليون دولار خلال الربع الممتد من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2025، وأن غالبية الأجهزة المخصصة للسوق الأميركي خلال هذه الفترة ستُستورد من الهند.
ويتوقع محللون أن ترفع آبل أسعارها لتغطية التكاليف، لكنهم يحذرون من أن هذه الخطوة قد تُفقد الشركة حصة سوقية، خاصة في ظل المنافسة الشرسة من شركات مثل سامسونغ التي تطرح تقنيات الذكاء الاصطناعي بوتيرة أسرع.