الأخبار الدولية

“مؤسسة غزة الإنسانية”.. مساعدات مشبوهة تتحول إلى مصائد موت

بثّت شبكة “سي بي إس نيوز” الأميركية تقريراً مصوراً يوثق عمليات إطلاق نار استهدفت فلسطينيين أثناء تجمعهم للحصول على المساعدات في مواقع ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”.

ونقلت الشبكة عن شاهد عيان –فضّل عدم الكشف عن هويته– أن إطلاق النار لم يقتصر على قوات الاحتلال الإسرائيلي، بل شارك فيه أيضاً عناصر أمنية جرى توظيفها من قبل مقاولين أميركيين لتأمين تلك المواقع.

ورداً على التقرير، قالت “مؤسسة غزة الإنسانية” إن المتعاقدين معها “لا يطلقون النار على المدنيين”، مؤكدة أن “أي ضحايا لم يسقطوا في محيط مراكزها جراء الأسلحة النارية”. أما الجيش الإسرائيلي فادّعى من جانبه أنه “لا يستهدف المدنيين عمداً”، وأنه يحقق في البلاغات التي تشير إلى إصابة فلسطينيين كانوا يقتربون من مواقع توزيع المساعدات.

لكن روايات أخرى أوردتها الشبكة تنقض هذه التصريحات؛ إذ كشف متعاقد أمني أميركي عمل سابقاً في غزة أن الطلقات التي أُطلقت من الجنود الإسرائيليين والمتعاقدين “لم تكن تحذيرية”، بل كانت عشوائية وأصابت مدنيين مباشرة. وأضاف أن إحدى مهامه كانت “تنظيف بقايا بشرية وحيوانية قرب أحد المواقع بسبب الروائح المنبعثة منها”.

وبحسب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فقد قُتل أكثر من 1800 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، بينهم ما لا يقل عن ألف شخص قُتلوا بالقرب من مراكز توزيع “مؤسسة غزة الإنسانية”. كما أكد متعاقدون أمنيون أميركيون سابقون في شهاداتهم لوكالات أنباء أنهم شاهدوا إطلاق نار متكرر على حشود الفلسطينيين خلال انتظارهم المساعدات.

انتقادات دولية

وصفت مؤسسات فلسطينية ودولية مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية” بأنها تحولت إلى “مصائد موت”. وقالت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الأممية المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، إن هذه المؤسسة “صُمّمت لتكون فخاً للقتل”، واعتبرتها “الأكثر سادية”.

بدورها، أكدت منظمة العفو الدولية أن نظام توزيع المساعدات القائم على ترتيبات عسكرية “قاتل بطبيعته”، مشيرة إلى شهادات سكان غزة الذين تحدثوا عن إطلاق نار مباشر ضد الجائعين.

وكشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس أن الحراس التابعين لمقاولين أميركيين يستخدمون الذخيرة الحية وقنابل الصوت لتفريق الفلسطينيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

هذا الواقع دفع 171 منظمة إغاثة دولية إلى المطالبة بوقف عمل “مؤسسة غزة الإنسانية” فوراً، باعتبارها أداة أميركية–إسرائيلية تعرّض المدنيين لخطر الموت والإصابة بدل أن توفر لهم الحماية والغذاء.

تحذيرات محلية

من جهتها، حذرت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة من “نظام جديد” أطلقته المؤسسة لجمع بيانات شخصية وصور للفلسطينيين، معتبرة أن الهدف هو “إرساء منظومة أمنية استخبارية تخدم الاحتلال”.

ودعت الوزارة السكان إلى رفض تقديم أي بيانات شخصية، مؤكدة أن هذا النظام يهدف إلى تجاوز قنوات المساعدات الدولية التقليدية، وفي مقدمتها وكالة الأونروا.

“هندسة التجويع”

بدأت إسرائيل منذ 27 مايو/أيار الماضي تطبيق خطة توزيع مساعدات عبر “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي آلية مدعومة أميركياً وإسرائيلياً، لكنها مرفوضة من الأمم المتحدة.

ومنذ بدء تنفيذ هذه الخطة وحتى الأربعاء الماضي، قُتل ما لا يقل عن 1996 فلسطينياً وأُصيب نحو 14,898 آخرين –معظمهم في محيط مراكز التوزيع– في إطار ما وصفه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأنه سياسة “هندسة التجويع” التي تهدف إلى إذلال السكان وتجويعهم تحت غطاء “المساعدات الإنسانية”.

زر الذهاب إلى الأعلى