الصحة

كيف تختار مسكن الألم المناسب؟ وما الذي يجب فعله عند استمرار الألم؟

يشكّل الألم تجربة مزعجة تؤثر سلبًا على جودة الحياة، مما يدفع كثيرين إلى البحث عن أسرع وأقوى مسكن يخفف معاناتهم. لكن تحديد الخيار الأنسب ليس دائمًا سهلًا، في ظل تعدد أنواع المسكنات واختلاف آلية عملها وفعاليتها بحسب نوع الألم.

وفقًا للخبراء، تنحصر مسكنات الألم التي يمكن صرفها دون وصفة طبية في فئتين أساسيتين:

  • الباراسيتامول (ويُعرف أيضًا بالأسيتامينوفين)
  • مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، مثل الإيبوبروفين، والنابروكسين، والأسبرين.

كيف تعمل المسكنات؟

توضح الدكتورة كاثرين بيبرزاك، المديرة الطبية لمركز تخفيف الألم بجامعة واشنطن، أن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية تقلل الألم عبر تثبيط إنزيمات تُعرف بـ”COX-1″ و”COX-2″، مما يحدّ من إنتاج البروستاغلاندينات، وهي مركبات تساهم في التورم والالتهاب والشعور بالألم.

أما الباراسيتامول، فيعمل بشكل مختلف، إذ يؤثر على مستقبلات الألم في الدماغ والنخاع الشوكي، لكن آلية عمله الدقيقة ما تزال غير مفهومة بالكامل. وتفترض بعض الدراسات أنه قد يثبط إنزيمات COX جزئيًا، لكن دون التأثير المباشر على الالتهاب، مما يجعله أقل فعالية في الحالات الالتهابية.

أي المسكنات أنسب لحالتك؟

تقول الدكتورة كاثرين إن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية فعالة في السيطرة على الألم المصحوب بالتهاب، كألم المفاصل، والصداع النصفي، وآلام الأسنان، والجروح، وإصابات العضلات. وتشير إلى أن وجود أعراض مثل التورم أو الاحمرار أو السخونة غالبًا ما يعني أن الألم التهابي المنشأ، ويُفضل في هذه الحالة استخدام مضادات الالتهاب.

ويوضح الدكتور مايكل فيرانتي، مدير مركز إدارة الألم بجامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس، أن جميع أنواع مضادات الالتهاب تعمل بطريقة متشابهة، وينصح بتجربة الأنسب والأكثر فاعلية لكل شخص. فعلى سبيل المثال، يمتاز النابروكسين بتأثير أطول (يستمر حتى 12 ساعة)، مقارنة بالإيبوبروفين الذي يدوم من 4 إلى 6 ساعات فقط.

في المقابل، يُعد الباراسيتامول الخيار الأمثل لعلاج الآلام الخفيفة غير الالتهابية، مثل صداع التوتر، وآلام العضلات الناتجة عن نزلات البرد، وبعض حالات التهاب المفاصل البسيطة. لكنه أقل فعالية في حالات مثل الصداع النصفي أو آلام الدورة الشهرية، كما أنه لا يعالج التورم أو الاحمرار.

كيفية الاستخدام الآمن للمسكنات

يشدد الأطباء على أهمية الالتزام بالجرعات الموصى بها وعدم تجاوزها. وبحسب الدكتور فيرانتي، فإن الجرعات اليومية القصوى للمسكنات الشائعة هي:

  • الباراسيتامول: 3000 ملغ
  • الإيبوبروفين: 1200 ملغ
  • النابروكسين: 660 ملغ
  • الأسبرين: 4000 ملغ

يمكن استخدام الباراسيتامول ومضادات الالتهاب معًا، سواء في التوقيت نفسه أو بالتناوب، بهدف تعزيز تأثيرهما. لكن يجب الحذر من خلط نوعين من مضادات الالتهاب (مثل الإيبوبروفين والنابروكسين) لتجنب مضاعفة الآثار الجانبية.

تحذيرات وموانع

يشير الدكتور فيرانتي إلى أن الاستخدام المفرط أو طويل الأمد لمضادات الالتهاب قد يؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي، مثل القرحة أو الغثيان، إضافة إلى ارتفاع خطر الإصابة بأمراض الكلى والقلب، وارتفاع ضغط الدم.

وتنبه الدكتورة ماري لين ماكفيرسون إلى ضرورة تجنب مضادات الالتهاب لدى فئات معينة مثل:

  • الحوامل والمرضعات
  • من يعانون من أمراض الكبد أو الكلى أو القلب
  • من يتناولون أدوية مميعة للدم

أما الباراسيتامول، فرغم قلة آثاره الجانبية، إلا أنه قد يكون سامًا للكبد إذا تم تناوله بجرعات زائدة، خصوصًا لدى من لديهم تاريخ مرضي كبدي.

متى تطلب استشارة طبية؟

إذا استمر الألم لأكثر من بضعة أيام، أو لم تُجدِ المسكنات التقليدية نفعًا، يُنصح بمراجعة الطبيب. فقد تكون هناك حاجة لوصف أدوية أقوى أو لتشخيص دقيق لمسبب الألم. كما يمكن للصيدلي المختص أن يساعدك في اختيار المسكن الأنسب لحالتك عند التردد بين الخيارات المتاحة.

خلاصة:
اختيار مسكن الألم المناسب يعتمد على نوع الألم وسببه. بينما تظل مضادات الالتهاب الخيار الأفضل للآلام الالتهابية، يُفضل استخدام الباراسيتامول في الحالات البسيطة وغير الالتهابية. ومع ذلك، فإن الاستخدام العشوائي للمسكنات قد يحمل مخاطر صحية، لذا فإن الاستشارة الطبية تظل الخيار الآمن عند استمرار الألم أو تعقيده.

زر الذهاب إلى الأعلى